متغيرة بتغير الأزمنة والطبائع والعادات، فلعل الباعث لهم على الاتفاق على خلاف ما سبق من بعضهم عروض مصلحة أهم منه لهم، والباعث لاعتبار مقتضى مصلحتهم في نظر الشارع مصلحة وحكمة أخرى خفية محجوبة عن عقولنا، فنحن الآن مكلفون في الاحكام بتتبع آثار الصادقين من ظواهر ما نقل إلينا عنهم، و - الاحتياط عن الوقوع في متابعة آرائنا بأمثال تلك الاستحسانات.
قال بعض الأفاضل بعد إيراد جملة مما ذكرنا: فتبين أن المراد بنيروز الفرس لابد أن يكون أول سنتهم الذي هو أول فروردينهم بلا خلاف، وأنه دائر في الفصول من قديم الأيام بأسباب شتى وخصوصا من زمان النبي صلى الله عليه وآله بسبب إهمال معاصريهم منهم في حفظ الكبيسة واستقرار أمرهم عليه إلى الآن، فيكون أيام سنتهم دائما ثلاثمائة وخمسة وستين بلا عروض وتفاوت فيه قط، وأن يوم الغدير في السنة العاشرة من الهجرة كان مطابقا له، فإن اعتبر بما وقع بعدها في جلوس يزدجرد من اسقاط ما مضى من سنتهم وتجديد فروردينهم في التاريخ المذكور كما هو الظاهر بناء على أنه على طبق رسمهم المتداول بينهم وأن النيروز مبني على مقتضى رسمهم يكون النيروز المعتبر شرعا هو ما يضبطه المنجمون في التقاويم من أول فروردينهم في كل سنة، وهو فيما نحن فيه من الزمان سنة ثمان وثمانين وألف من الهجرة مطابق ليوم الجمعة عاشر شهر شعبان وموافق للثامن والعشرين من أيلول الرومي والثالث والعشرين من مهرماه الجلالي، وإن لم يعتبر بالاسقاط اليزدجردي بناء على أنه وقع بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وإكمال الدين وأن مثل ذلك في حكم المبتدعات الغير المعتبرة في الشرع يكون النيروز المذكور قبل فروردينهم المضبوط عند المنجمين بقدر الأيام الساقطة، وعلى كل من الاحتمالين يتقدم في كل أربع سنين بيوم على اليوم المطابق له من أيام شهور الروم، وفي كل أربع سنين أو خمس سنين بيوم على ما كان مطابقا له من أيام الشهور الجلالية، ويتأخر في كل سنة بأحد عشر يوما غالبا وبعشرة أيام في سني، كبائس العرب عما كان موافقا له من أيام الشهور العربية وأيضا يتأخر في كل سنة بيوم عما كان مطابقا له من أيام الأسبوع دائما، فظهر