فجرى الرسم لملوك خراسان فيه أن يخلعوا على أساورتهم - أي قواد جيوشهم - الخلع الربيعية والصيفية. واليوم السادس منه وهو روز خرداد منه النوروز الكبير وعند الفرس عيد عظيم الشأن، قيل: إن فيه فرغ الله عن خلق الخلائق لأنه آخر الأيام الستة المذكورة، وفيه خلق المشتري وأسعد ساعاته ساعات المشتري. وقال أصحاب النيرنجات: من ذاق صبيحة هذا اليوم قبل الكلام السكر وتدهن بالزيت دفع عنه في عامة سنته أنواع البلايا. وقالوا: أمر جمشيد الناس أن يغتسلوا يوم النيروز بالماء ليتطهروا من الذنوب، ويفعلوا ذلك كل سنة ليدفع الله عنهم آفات السنة. وزعم بعض الناس أن جم كان أمر بحفر أنهار، وأن الماء جرى فيها في هذا اليوم فاستبشر الناس بالخصب، واغتسلوا بذلك الماء المرسل فتبرك الخلف بمحاكاة السلف. وقيل: بل السبب في الاغتسال هو أن هذا اليوم لهروزا وهو ملك الماء، والماء يناسبه، فلذلك صار الناس يقومون في هذا اليوم عند طلوع الفجر فيعمدون إلى ماء القنا والحياض، وربما استقبلوا المياه الجارية فيفيضون على أنفسهم منا تبركا ودفعا للآفات، فيه يرش الناس الماء بعضهم على بعض، وسببه هو سبب الاغتسال. ولما كان بعد جم جعلت الملوك هذا الشهر أعني فروردين ماه كله أعيادا مقسومة في أسداسه، فالخمسة الأولى للملوك، والثانية للاشراف، والثالثة لخدام الملوك، والرابعة لحواشيه، والخامسة للعامة، و السادسة للرعاة - إلى آخر ما قال -.
وأقول: إنما أوردت هذه الهذيانات لتطلع على بعض خرافاتهم، ولان فيها تأييدا لبعض ما أسلفنا في الفوائد السابقة. ووجدت في بعض الكتب المعتبرة:
اعلم أن جمشيد ملك الدنيا وعمر أقاليم إيران، فاستوت له أسبابه، واستقامت له أموره يوم النيروز أول فروردين القديم، فصار أول سنة العجم، وهو يوم ولد فيه كيومرث بن هبة الله بن آدم عليه السلام وأما النيروز السلطاني يوم نزول الشمس أول دقيقة من برج الحمل، فوضع في عهد السلطان جلال الدين ملك شاه بن ألب أرسلان واتفق يوم الخميس التاسع من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، و