الذين أحسنوا بالحسنى. اللهم فلك الحمد على ما فلقت لنا من الاصباح، ومتعتنا [به] من ضوء النهار، وبصرتنا [به] من مطالب الأقوات، ووقيتنا [فيه] من طوارق الآفات - إلى آخر الدعاء -.
بيان: (خلق الليل والنهار بقوته) الخلق يكون بمعنى الايجاد، وبمعنى التقدير، وكل منهما هنا مناسب، والجمع بينهما أيضا ممكن، وخلقه تعالى الليل والنهار بخلقه الشمس مضيئة غاية الإضاءة بحيث يغلب نورها نور سائر الكواكب وبخلق الهواء مظلما في نفسه قابلا للإضاءة: وبخلق الأرض كثيفة قابلة للإضاءة بحيث تنعكس منها الأشعة، وجعل الشمس متحركة حول الأرض، فبطلوعها أو ظهور علامتها البينة يحصل النهار، وبغروبها أو ذهاب حمرتها المشرقية يحصل الليل وتقديم الليل لتقدمه شرعا وعرفا كما عرفت، أو لتقدم الظلمة على النور لكونها عدمية أو شبيهة بالعدم، أو للتأسي بالقرآن في أكثر مواضعه (وميز بينهما بقدرته) أي جعل كل واحد منهما ممتازا عن الآخر من حيث الصورة ومن حيث الخواص والآثار، وقيل: معناه أن الله تعالى لما قدر لكل يوم وليلة من أيام السنة الشمسية ولياليها في كل بقعة من بقاع الأرض زمانا معينا لا يزيد ولا ينقص أبدا فلا يدخل أحدهما في الآخر، بأن يدخل الليل في النهار قبل تمامه وبالعكس، فيمتاز كل واحد منهما عن الآخر، أي لا يختلط أحدهما بالآخر. لكن يمكن استفادة هذا المعني من الفقرة الآتية، والقدرة صفة نفسانية من شأنها الايجاد والاحداث بها على وجه يتصور ممن قامت به الفعل بدلا عن الترك، والترك بدلا عن الفعل والقوة تطلق على القدرة، وعلى حالة يصح أن تصدر عن صاحبها أفعال شاقة وقد تطلع على حالة تكون مصدرا لحدوث أمر أو سببا له كالقوى الناطقة والنامية والباصرة والسامعة وأمثالها. والباء في الموضعين للاستعانة، أو للملابسة (وجعل لكل واحد منهما حدا محدودا وأمدا ممدودا) حد الشئ منقطعه ومنتهاه، والحد الحاجز بين الشيئين، والمحدود المعين أو المميز عن غيره، والأمد يطلق على الغاية وعلى الزمان الممتد، والمدود المبسوط الممتد. وفي بعض النسخ (موقوتا)