الذين أحسنوا) أي فعلوا الاعمال الحسنة (بالحسنى) أي بالمثوبة الحسنى، أو بأحسن من أعمالهم وجزائها، أو بسبب الفعلة الحسنى، فالباء في الموضعين إما للصلة أو للسببية فالظرفان متعلقان بالجزاء، وتعلقهما بأساؤوا وأحسنوا كما توهم بعيد وأوسط التقادير الثلاثة المتقدمة أظهر، لدلالته على جزاء السيئة بالمثل والحسنة بأضعافها.
(اللهم) أصله يا الله، حذف حرف النداء وعوض عنه الميم المشددة (فلك الحمد) لما حمده سبحانه على خلق مطلق الليل والنهار حمده تعالى على خصوص اليوم الذي هو فيه والنعم التي اشتمل عليها، وتقديم الظرف للحصر (على ما فلقت) أي شققت (لنا) أي لانتفاعنا (من الاصباح) وهو في الأصل مصدر (أصبح) أي دخل في الصباح، سمي به الصبح (ومتعتنا به) أي على ما صيرتنا ذوي تمتع وانتفاع بسببه (من ضوء النهار) الإضافة بتقدير اللام أو بيانية (وبصرتنا) أي على ما جعلتنا مبصرين له وبصراء به بسبب النهار (من مطالب الأقوات) بالإضافة البيانية أو اللامية، أي المواضع التي يطلب منها القوت، والاعمال التي هي مظنة حصوله والقوت: يا يقوم به بدن الانسان من الطعام (ووقيتنا) أي وعلى ما وقيتنا وحفظتنا منه في ذلك الصبح (من طوارق الآفات) بالإضافة البيانية أو إضافة الصفة إلى الموصوف، والطارق في الأصل من يأتي بالليل لاحتياجه إلى طرف الباب غالبا، و يستعمل غالبا في الشرور الواقعة بالليل وقد يعم بما يشمل ما يقع بالنهار أيضا، فالمراد هنا آفات البارحة أو مطلقا. ثم اعلم أن لفظة (ما) الظاهرة في الفقرة الأولى والمقدرة فيما بعدها من الجمل الثلاث موصولة، وضمير (به) المذكورة في الجملتين والمقدر في غيرهما عائد إليها، و (من) في المواضع الأربعة لبيان الموصول، ويمكن أن تكون (ما) مصدرية في الجميع أو في سوى الأولى، والضمائر راجعة إلى الاصباح أو فلقه فيكون (من) في قوله (من مطالب) بمعنى الباء كما في قوله تعالى (ينظرون من طرف خفي (1)) ثم الحمد في الفقرة الثانية يشمل العميان أيضا فإنهم