العمارات وجد الشمس كأنها تغرب في وهدة مظلمة وإن لم يكن كذلك في الحقيقة كما أن راكب البحر يرى الشمس كأنها تغرب في البحر إذا لم ير الشط وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر، ذكره الجبائي.
الثاني: أن بالجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها فالناظر إلى الشمس يتخيل كأنها تغيب في تلك البحار، ولا شك أن البحار الغربية قوية السخونة فهي حامية، وهي أيضا حمئة لكثرة ما فيها من الباه وهي الحمأة السوداء، فقوله (تغرب في عين حمئة) إشارة إلى أن الجانب الغربي من الأرض قد أحاط البحر به، وهو موضع شديد السخونة.
الثالث: قال أهل الأخبار إن الشمس تغرب في عين حمئة كثيرة الحاء والحمأة وهذا في غاية البعد، وذلك أنا إذا رصدنا كسوفا قمريا ورأينا أهل المغرب قالوا حصل هذا الكسوف أول الليل. رأينا أهل المشرق قالوا حصل في أول النهار فعلمنا أن ما هو أول الليل عند أهل المغرب فهو أول النهار عند أهل المشرق، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد ووقت الظهر في بلد آخر ووقت الضحوة في بلد ثالث ووقت طلوع الشمس في بلد رابع ونصف الليل في بلد الخامس، وإذا كانت هذه الأحوال معلومة بعد الاستقراء والاختبار وعلمنا أن الشمس طالعة ظاهرة في كل هذه الأوقات كان الذي يقال إنها تغيب في الطين والحمأة كلاما على خلاف اليقين، وكلام الله مبرأ عن البهمة (1) فلم يبق إلا أن يضاف (2) إلى التأويل الذي ذكرنا، والضمير في قوله (عندها)) عائد إلى الشمس لان الانسان لما تخيل أن الشمس تغرب هناك فكان سكان ذلك الموضع كأنهم سكنوا بالقرب من الشمس، أو عائد إلى العين (3).
وقال في قوله (وجدها تطلع) أي وجد الشمس تطلع (على قوم لم نجعل