والجواب: إنما جعل واو الضمير للعقلاء للوصف بفعلهم وهو السباحة.
فان قلت: لكل واحد من القمرين فلك على حدة فكيف قيل جميعهم يسبحون في فلك؟
قلت هذا كقوله (كساهم الأمير حلة وقلدهم سيفا) أي كل واحد منهم (1).
(وله اختلاف الليل والنهار) قال البيضاوي: أي ويختص به تعاقبهما لا يقدر عليه غيره، فيكون ردا لنسبته إلى الشمس حقيقة أو مجازا أو لامره وقضائه تعاقبهما أو انتقاص أحدهما وازدياد الآخر (2). وفي قوله سبحانه (يقلب الله الليل والنهار) بالمعاقبة بينهما، أو بنقص أحدهما وزيادة الآخر، أو بتغيير أحوالهما بالحر والبرد والظلمة والنور، أو ما يعم (3) ذلك (إن في ذلك) فيما تقدم ذكره (لعبرة لأولي الابصار) لدلالته (4) على وجود الصانع القديم وكمال قدرته وإحاطة علمه ونفاذ مشيته وتنزهه على الحاجة وما يفضي إليها لمن يرجع إلى بصيرة (5).
قوله تعالى (ألم تر إلى ربك) أقول: للعلماء في تأويل هذه الآية مسالك:
الأول ألم تنظر إلى صنع ربك كيف بسطه، أو ألم تنظر إلى الظل كيف بسطه ربك فغير النظم إشعارا بأن المعقول من هذا الكلام لوضوح برهانه وهو دلالة حدوثه وتصرفه على الوجه النافع بأسباب ممكنة على أن ذلك فعل الصانع الحكيم كالمشاهد المرئي فكيف بالمحسوس منه، أو ألم ينته علمك إلى أن ربك كيف مد الظل وهو فيما بين طلوع الفجر والشمس وهو أطيب الأحوال، فإن الظلمة الخالصة تنفر الطبع وتسد النظر وشعاع الشمس يسخن الهواء ويبهر البصر ولذلك وصف به الجنة فقال (وظل ممدود (6). (ولو شاء لجعله ساكنا) أي ثابتا من السكنى، أو غير .