متفق على الدوام لا يقع فيه تفاوت، فالشمس تقطع بروج الفلك في ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وشئ والقمر في ثمانية وعشرين يوما فيجريان أبدا على هذا الوجه، و إنما خصهما بالذكر لما فيهما من المنافع الكثيرة للناس من النور والضياء ومعرفة الليل والنهار ونضج الثمار إلى غير ذلك، فذكرهما لبيان النعمة بهما على الخلق (1).
(رب المشرقين ورب المغربين)) أي مشرق الشتاء والصيف ومغربيهما، وقيل مشرقي الشمس والقمر ومغربيهما (2). (وجعل القمر فيهن نورا) قيل: فيه وجوه:
أحدها أن المعنى: وجعل القمر نورا في السماوات والأرض عن ابن عباس، قال:
يضئ ظهره لما يليه من السماوات ويضئ وجهه لأهل الأرض وكذلك الشمس.
وثانيها: أن معنى (فيهن) معهن، يعني: وجعل القمر معهن أي مع خلق السماوات نورا لأهل الأرض. وثالثها: أن معنى (فيهن) في حيزهن، وإن كان في واحدة منها كما تقول (إن في هذه الدور لبئرا) وإن كانت في واحدة منها، لان ما كان في إحديهن كان فيهن، وكما تقول (أتيت بني تميم) وإنما أتيت بعضهم.
(وجعل الشمس سراجا) أي مصباحا تضيئ لأهل الأرض، فهي سراج العالم كما أن المصباح سراج الانسان (3). وقال ره في قوله تعالى (كلا) أي حقا، و قيل: معناه ليس الامر على ما يتوهمونه (والقمر) اقسم بالقمر لما فيه من الآيات العجيبة في طلوعه وغروبه ومسيره وزيادته ونقصانه (والليل إذا أدبر) قرأ نافع وحمزة وحفص ويعقوب وخلف (إذ) بغير ألف (أدبر) بالألف، والباقون (إذا) بالألف (دبر) بغير الألف، فعلى الأول اقسم بالليل إذا ولى وذهب، يقال (4) دبر وأدبر عن قتادة، وقيل: دبر إذا جاء بعد غيره وأدبر إذا ولى مدبرا، فعلى هذا يكون المعنى في (إذا دبر) إذا جاء الليل في أثر النهار، وفي (إذ أدبر) إذا ولى الليل فجاء