بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٤١
ارتكبوا من الضلال، لأنهم يقولون إن الهيولي هو أصل العالم، وأنه لم يزل قديما، والله تعالى محدث كما يحدث الصائغ من السبيكة خاتما، والناسج من الغزل ثوبا، والنجار من الشجر لوحا إلى آخر ما رد (1) عليهم.
ونقل العلامة - ره - في المختلف عن الشيخ المفيد كلاما يدل على أن القول بالقدم ليس من مذاهب المليين، حيث قال: وأما الصابئون فمنفردون بمذاهبهم ممن عددناه، لان جمهورهم توحد الصانع في الأزل، ومنهم من يجعل معه هيولي في القدم صنع منها العالم فكانت عندهم الأصل، ويعتقدون في الفلك وما فيه الحياة والنطق وأنه المدبر لما في هذا العالم والدال عليه، وعظموا الكواكب وعبدوها من دون الله عز وجل، وسماها بعضهم ملائكة، وجعلها بعضهم آلهة، وبنوا لها بيوتا للعبادات، وهؤلاء على طريق القياس إلى مشركي العرب وعباد الأوثان أقرب من المجوس. إلى آخر ما قال مما يؤيد ما ذكرنا.
وشيخ الطائفة قدس الله لطيفه عقد في كتاب الاقتصاد فصلا في أن الله تعالى واحد لا ثاني له في القدم، وأقام الدلائل على ذلك إلى أن قال: فإذا ثبت ذلك بطل إثبات قديمين، وإذا بطل وجود قديمين بطل قول الثنوية القائلين بالنور والظلمة وبطل قول المجوس القائلين بالله والشيطان، وبطل قول النصارى القائلين بالتثليث.
على أن قول الثنوية يبطل من حيث دللنا على حدوث الأجسام (2). وأثبت حدوث

(١) أورد (ظ) أقول: كون الموجودات المادية مخلوقة من المواد أمر يصدقه الكتاب والسنة، والنصوص على خلق الانسان من الطين والسماوات والأرض من الدخان والماء وكذا سائر الأشياء كثيرة جدا لا تكاد تخفى على من نظر في القرآن الكريم والروايات الشريفة والفرق بين خلق الله تعالى شيئا من مادة وبين تسوية النجار بابا من الخشب وصنع الصائغ خاتما من الذهب ان الله تعالى يفيض الصور على المواد المستعدة والانسان يعد المواد لقبول الصور، مضافا إلى أن اعداده أيضا بإذن الله تعالى واقداره عليه. واما الهيولي الأولى فقد مر الكلام فيها في ما مضى فراجع.
(٢) كلام الشيخ قدس سره كما ترى يؤيد كلام الفيض - رضوان الله عليه - المتقدم ذكره في ذيل الصفحة (٢٢٣) فتدبر، وقريب منه كلام الشيخ الكراجكي حيث نسب قدم العالم إلى الدهرية القائلين بعدم تناهى افراد الانسان والحيوان من جهة البدء، لكنهم غير قائلين بالصانع الحكيم ولعله رحمه الله ألحق بهم من يقول بقدم الطبائع الكلية وعدم تناهى افرادها في البداية والنهاية وان قال بالصانع الحكيم أيضا، وسيأتي كلام له صريح في أن الزمان فعل من أفعال الله وانه ليس بين الواجب تعالى وأول الأفعال زمان أصلا، بل القول بثبوت زمان عندئذ يناقض القول بالحدوث. وهو يفسر قوله ههنا (ان الله موجود قبل الأفعال) بأن تلك القبلية ليست هي القبلية الزمانية المقتضية لوجود زمان قبل الخلق فتأمل.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376