أهلها، وعذاب النار الذي لا ينقضي عن المخلدين فيها، فأفعال الله عز وجل من هذا الوجه لا آخر لها. وهؤلاء أيدك الله هم الدهرية القائلون بأن الدهر سرمدية لا أول لها ولا آخر، وأن كل حركة تحرك بها الفلك فقد تحرك قبلها بحركة قبلها حركة من غير نهاية، وسيتحرك بعدها بحركة بعدها حركة لا إلى غاية، وأنه لا يوم إلا وقد كان قبله ليلة، ولا ليلة إلا وقد كان قبلها يوم ولا انسان تكون إلا من نطفة، ولا نطفة تكونت إلا من انسان، ولا طائر إلا من بيضة، ولا بيضة إلا من طائر، ولا شجرة إلا من حبة، ولا حبة إلا من شجرة، و أن هذه الحوادث لم تزل تتعاقب ولا تزال كذلك، ليس للماضي منها بداية، ولا للمستقبل منها نهاية، وهي مع ذلك صنعة لصانع لم يتقدمها، وحكمة من حكيم لم يوجد قبلها، وأن الصنعة والصانع قد يمان لم يزالا تعالى الله الذي لا قديم سواه، وله الحمد على ما أسداه من معرفة الحق وأولاده، وأنا بعون الله أورد لك طرفا من الأدلة على بطلان ما ادعاه الملحدون، وفساد ما انتحله الدهريون.
أقول: ثم أورد رحمه الله أدلة شافية، وأجوبة وافية، وتحقيقات متينة، و إلزامات رزينة، سيأتي بعضها في محله، ولم نوردها هنا لأنا سنذرها بوجه أخصر.
ثم ذكر مناظرته مع بعض القائلين بالقدم، وأنه كتب ذلك إلى الشريف المرتضى - ره - وذكره الجواب الذي أورده السيد في ذلك، فمن أراد الاطلاع على جميع ذلك فليرجع إلى ذلك الكتاب.
وقال السيد المرتضى - ره - في جواب سؤال ورد عليه في آية التطهير، قال السائل: وإذا كانت أشباحهم قديمة وهم في الأصل طاهرون فأي رجس اذهب عنهم؟
فقال السيد في تضاعيف جوابه: وأما القول بأن أشباحهم عليهم السلام قديمة فهو منكر لا يطلق، والقديم في الحقيقة هو الله تعالى الواحد الذي لم يزل، وكل ما سواه محدث مصنوع مبتدأ، له أول، إلى آخر ما قال - ره - ثم قال:
مسألة: اعترض فلسفي فقال: إذا قلتم إن الله وحده لا شئ كان معه فالأشياء المحدثة: من أي شئ كانت؟ فقلنا لهم: مبتدعة لا من شئ. فقال: أحدثها معا أو في