بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٣٦
وقال المحقق الطوسي ره: الحدوث هو المسبوقية بالغير، وذلك الغير إن كان هو العلة فهو الحدوث الذاتي، وإن كان عدما فهو الحدوث الزماني.
ويرد عليه أيضا ما يرد على الأول، لان ذات المعلول يصدق عليها أنها ليست بموجودة في مرتبة ذات العلة ثم وجد المعلول بعد ذلك السلب، لوجوب تقدم وجود العلة على وجود المعلول، ولا يتصور في تقدم سلب وجود المعلول على وجوده إلا التقدم الذاتي المنحصر في التقدم بالعلية، فيعود الاشكال. وللقوم في هذا المقام اعتراضات وأجوبة لا يناسب مقصودنا من هذا الكتاب إيرادها، وأكثرها مذكورة في حواشي المحقق الدواني وغيره على الشرح الجديد للتجريد. وبالجملة إطلاق الحدوث عليه محض اصطلاح لهم لا يساعده لغة ولا عرف، وإنما مرجعه الأحقية أو إلى ترتب وجود المعلول على وجود العلة إذ العقل يحكم بأنه وجد فوجد.
وأثبت السيد الداماد ره قسما ثالثا وهو الحدوث الدهري حيث قال: إن أنحاء العدم للممكن ثلاثة: الأول العدم الذي هو الليس المطلق في مرتبة الذات وهو لكل ممكن موجود حين وجوده الثاني العدم المتكمم وهو لكل حادث زماني قبل زمان وجوده. الثالث العدم الصريح الدهري قبل الوجود قبلية غير متكممة.
وليس شئ من العدمين الأولين هو العدم المقابل للوجود، أما الأول فلانة يجامع الوجود في الوقع ويسبقه بحسب الذات سبقا ذاتيا، وأما الثاني فلانه ممائز لزمان الوجود، ومن شرائط التناقض في الزمانيات وحدة الزمان فإذا إنما المقابل للوجود العدم الصريح الذي لا يتصور فيه حد وحد، ولن يتميز فيه حال (1) وحال. ثم حقق في ذلك تحقيقا طويلا وحاصل كلامه أن أثبت للموجودات وعائين آخرين سوى الزمان وهو الدهر والسرمد، وقال: نسبة المتغير إلى المتغير ظرفها الزمان ونسبة الثابت إلى المتغير ظرفها الدهر، ونسبة الثابت إلى الثابت ظرفها السرمد.
ونقل على ذلك شواهد كثيرة من الحكماء، فمن ذلك قول الشيخ في التعليقات حيث قال:

(1) ولأجل ذلك أعني كون الحادث الدهري فقط مسبوقا بالعدم الصريح جعل الحدوث الدهري أحق أنواع الحدوث بهذا الاسم.
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376