بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ١٨٢
بالجو البعد الموهوم، أو أحد العناصر بناء على تقدم خلق الهواء كما هو الظاهر مما سنورده من تفسير علي بن إبراهيم، وهذا الكلام لا تصريح فيه بالصادر الأول وسيأتي الكلام فيه انشاء الله. وقوله (وشق الارجاء) كالتفسير لفتق الأجواء أو المراد بالارجاء الأمكنة والأفضية، وبالأجواء عنصر الهواء، وقوله (وسكائك الهواء) بالنصب كما في كثير من النسخ معطوف على (فتق الأجواء) أي أنشأ سبحانه سكائك الهواء، والجر كما في بعض النسخ أظهر عطفا على الأجواء أي أنشأ فتق سكائك الهواء. قال ابن ميثم: فإن قلت: إن الأجواء والارجاء وسكائك الهواء أمور عدمية فكيف تصح نسبتها إلى الانشاء عن القدرة؟ قلت: إن هذه الأشياء عبارة عن الخلا والأحياز، والخلاف في أن الخلا والحيز والمكان هل هي أمور وجودية أو عدمية مشهور، فإن كانت وجودية كانت نسبتها إلى القدرة ظاهرة، ويكون معنى فتقها وشقها شق العدم عنها، وإن كانت عدمية كان معنى فتقها وشقها ونسبتها إلى القدرة تقديرها وجعلها أحيازا للماء ومقرا لها لأنه لما كان تميزها عن مطلق الهواء والخلاء بإيجاد الله فيها الماء صار تعينها بسبب قدرته تعالى فتصح نسبتها إلى إنشائه، فكان سبحانه شقها وفتقها بحصول الجسم فيها.
وروي أن زرارة وهشاما اختلفا في الهواء أهو مخلوق أم لا، فرفع بعض موالي جعفر بن محمد عليهما السلام إليه ذلك، فقال له: إني متحير وأرى أصحابنا يختلفون فيه. فقال عليه السلام: ليس هذا بخلاف يؤدي إلى الكفر والضلال: واعلم أنه عليه السلام إنما أعرض عن بيان ذلك لان أولياء الله الموكلين بإيضاح سبله وتثبيت خلقه على صراطه المستقيم لا يلتفتون بالذات إلا إلى أحد أمرين: أحدهما ما يؤدي إلى الهدى أداء ظاهرا واضحا والثاني ما يصرف عن الضلال ويرد إلى سواء السبيل.
وبيان أن الهواء مخلوق أو غير مخلوق لا يفيد كثير فائدة في أمر المعاد، فلا يكون الجهل به مما يضر في ذلك، فكان تركه (1) والاشتغال بما هو أهم منه أولى (2).

(1) ترك بيانه (خ).
(2) انتهى كلام ابن ميثم رحمه الله.
(١٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376