بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ١٨٦
ومقصد القرآن واحدا، فكان البخار المنفصل هو الذي تكونت عنه الأرض وهو الزبد، وأما وجه المشابهة بين الدخان والبخار الذي صحت لأجله استعارة لفظه له فهو أمران: أحدهما حسي وهو الصورة المشاهدة من الدخان والبخار حتى لا يكاد يفرق بينهما في الحس البصري، والثاني معنوي وهو كون البخار أجزاء مائية خالطت الهواء بسبب لطافتها عن حرارة الحركة كما أن الدخان كذلك ولكن عن حرارة النار، فإن الدخان أيضا أجزاء مائية انفصلت عن جرم المحترق بسبب لطافتها عن حر النار فكان الاختلاف بينهما ليس إلا بالسبب، فلذلك صح استعارة اسم أحدهما للآخر (وبالله التوفيق (1)).
(جعل سفلاهن موجا مكفوفا وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا) الكف:
المنع، والسقف: معروف، وقال الجوهري وغيره: السقف اسم للسماء. والمعروف ههنا أنسب، وسمك البيت: سقفه، وسمك الله السماء سمكا: رفعها، والمسموكات:
السماوات أي جعل السماء السفلى موجا ممنوعا من السلان إما بإمساكه بقدرته أو بأن خلق تحته وحوله جسما جامدا يمنعه عن الانتشار والسيلان، أو بأن أجمدها بعد ما كانت سيالة. وظاهر هذا الكلام وغيره من الاخبار اختصاص الحكم بالسماء الدنيا، قال الكيدري، رحمه الله: شبه السماء الدنيا بالموج لصفائها وارتفاعها، أو أراد أنها كانت في الأول موجا ثم عقدها، والمكفوف: الممنوع من السقوط. وقال ابن ميثم: شبهها بالموج في الارتفاع واللون الموهوم، وقيل:
شبهت به لارتعاد الكواكب حسا: ولعل المراد بحفظ العليا إمساكها عن النقص والهدم والسقوط والخرق إلا بأمره سبحانه وقال أكثر الشارحين: أي عن الشياطين وهو لا يناسب العليا بل السفلى، ويناسب أن يكون المراد بقوله تعالى (وجعلنا السماء سقفا محفوظا (2)) السماء العليا، ويخطر بالبال وجه آخر، وهو أن يكون المراد أنه تعالى جعل الجهة السفلى من كل من السماوات مواجة متحركة واقعا

(١) انتهى كلام ابن ميثم رحمه الله.
(٢) الأنبياء: ٣٢.
(١٨٦)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376