أو في النظر، والجهة العليا منها سقفا محفوظا نستقر عليه الملائكة ولا يمكن للشياطين خرقها، فيكون ضمير زينها وسائر الضمائر راجعة إلى المجموع، فيناسب الآية المتقدمة وهو قوله سبحانه (وحفظا من كل شيطان مارد (1)) وقد يمر بالخاطر وجه آخر يناسب قواعد الهيئة وهو أنه عليه السلام شبه السماء الدنيا بالموج المكفوف لكون الحركة الخاصة للقمر أسرع من جميع الكواكب، فكأنه دائما في الموج ومع ذلك لا تسقط، ووصف العليا بالمحفوظية لأنه أبطأها بالحركة الخاصة فكأنها محفوظة ثابتة، وعلى الطريقة السابقة يمكن أن يكون المراد بالسفلى من كل منها خوارج مراكزها وتداويرها، وبالعليا منها متمثلاتها، فالأول مواجة لسرعة حركتها والبواقي محفوظة لبطؤها، لكن هذان الوجهان بعيدان عن لسان الشرع ومقاصد أهله، والوجه الأول مما أبدعنا لا يخلو من قوة ولطافة.
(بغير عمد يدعمها ولا دسار ينظمها) العمد بالتحريك: جمع كثرة لعمود البيت، وكذا (العمد) بضمتين، وجمع القلة (أعمدة) وقال الخليل في العين:
العمد بضمتين: جمع عماد، والأعمدة: جمع عمود من حديد أو خشب، ويظهر من تذكير الفعل أنه من أسماء الجمع، والدعم بالفتح: أن يميل الشئ فتدعمه بدعام، كما تدعم عروش الكرم، ونحوه ليصير له مساكا، والدعامة: الخشبة التي يدعم بها، وفي أكثر النسخ على بناء المجرد مفتوحة العين وهو أظهر، وفي بعضها (يدعمها) بتشديد الدال على بناء الافتعال من الادعام بمعنى الاتكاء. و الدسار - بالكسر -: المسمار، وجمعه (دسر) ونظم اللؤلؤ: جمعه في السلك، وفي بعض النسخ (ينتظمها) وهو أيضا جاء متعديا، والضميران المنصوبان راجعان إلى السماوات أو إلى العليا أو إلى السفلى بقرينة قوله (ثم زينها بزينة الكواكب) حيث إن الظاهر إرجاع الضمير فيه إلى السفلى ليكون أوفق بقوله تعالى (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب (2)) لكنه بعيد لفظا، وإرجاع الضمير إلى