(فأجرى فيها ماء متلاطما تياره متراكما زخاره) اللطم في الأصل: الضرب على الوجه بباطن الراحة، وتلاطمت الأمواج: ضرب بعضها بعضا كأنه يلطمه والتيار: موج البحر ولجته، وتراكم الشئ: اجتمع، وزخر البحر: مد و كثر ماؤه وارتفعت أمواجه، أي إنه سبحانه خلق الماء المتلاطم الزخار في الأمواج وخلاه وطبعه أولا، فجرى في الهواء، ثم أمر الريح برده وشده كما يدل عليه قوله عليه السلام بعد ذلك (حتى تظهر قدرته).
(حمله على متن الريح العاصفة والزعزع القاصفة) المتن من كل شئ: ما ظهر منه، والمتن من الأرض: ما ارتفع منه وصلب، وعصفت الريح: اشتد هبوبها والزعزعة: تحريك الشئ ليقلعه ويزيله، وريح زعزع وزعازع أي يزعزع الأشياء، وقصفه - كضربه - قصفا: كسره، وقصف الرعد وغيره: اشتد صوته أي جعل الريح حال قصفها (1) حاملة له، فكان متحركا بحركتها، أو جعل الريح التي من شأنها العصف والقصف. وهذه الريح غير الهواء المذكور أولا كما سيأتي في قول الصادق عليه السلام في جواب الزنديق (الريح على الهواء والهواء تمسكه القدرة) فيمكن أن تكون مقدمة في الخلق عليه أو متأخرة عنه أو مقارنة له، ويمكن أن يكون المراد بها ما تحرك منه كما هو المشهور (2).
(فأمرها برده وسلطها على شده وقرنها إلى حده) أي أمر الريح أن تحفظ الماء وترده بالمنع عن الجري الذي سبقت الإشارة إليه بقوله (فأجرى فيها ماء) فكان قبل الرد قد خلي وطبعه أي عن الجري الذي يقتضيه طبعه، وقواها على ضبطه كالشئ المشدود، وجعلها مقرونة إلى انتهائه محيطة به. ولعل المراد بالأمر هنا الامر التكويني كما في قوله (كن فيكون (3)) وقوله (كونوا قردة (4))