ومنهم امناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره، ومنهم الحفظة لعباده، والسدنة لأبواب جنانه، ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، و المارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم (1)، ناكسة دونهم (2) أبصارهم، متلفعون تحته بأجنحتهم مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزة، وأستار القدرة، لا يتوهمون ربهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين، ولا يحدونه بالأماكن ولا يشيرون إليه بالنظائر (3).
مطالب السؤول: لابن طلحة مثله بأدنى تغيير.
ايضاح: قد مضى شرح أكثر فقرات هذه الخطبة في كتاب التوحيد، ونشير هنا إلى بعض ما يناسب المقام. المدحة بالكسر: الحالة التي تكون المادح عليها في مدحه، والإضافة للاختصاص الخاص أي المدحة اللائقة بعزة جلاله، ولعل المراد عجز جميع القائلين وإن اجتمعوا. والاجتهاد: السعي البليغ في العبادة، و ظاهر قوله (ولا وقت معدود ولا أجل ممدود) نفي الزمان مطلقا عنه تعالى كالمكان ويمكن حملهما على الأزمنة المعدودة المتناهية، ولعل الأول للماضي والثاني للمستقبل والفطر: الابتداء والاختراع، وأصله الشق، ونشر الرياح: بسطها، وكل ما جاء في القرآن بلفظ الرياح فهو للرحمة وما ورد في العذاب فهو بلفظ المفرد، ولعله إشارة إلى قلة العذاب وسعة الرحمة، ويمكن أن يراد بالرحمة هذا المطر، كما قال سبحانه (وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته (4)) وقرئ بالباء والنون، وقيل:
زعمت العرب أن السحاب لا تلقح إلا من رياح مختلفة، فيمكن أن يكون المراد بالنشر ذلك، وقال الفراء: النشر من الرياح الطيبة اللينة التي تنشئ السحاب