امتياز الأنواع والاشخاص بعضها عن بعض.
أقول: ويحتمل أن يكون المراد بالحدود حدود أمكنتها كمكان العناصر فإن لكل منها حدا لا تتجاوزه: ولعله أنسب بما بعده.
(ولاءم) أي جمع (بين متضاداتها) كجمع العناصر المتبائنة في الكيفيات والصفات لحصول المزاج، وكالألفة بين الروح والبدن.
(ووصل أسباب قرائنها) السبب في الأصل الحبل، ويقال لكل ما يتوصل به إلى شئ، و (القرينة) فعلية بمعنى مفعولة، وقرائن الأشياء ما اقترن منها بعضها ببعض، ووصل أسبابها ملزوم لاتصالها. وقال ابن ميثم: القرائن النفوس المقرونة بالأبدان، واعتدال المزاج بسبب بقاء الروح، أي وصل أسباب أنفسها بتعديل أمزجتها، والمراد بالأجناس هنا أعم مما هو مصطلح المنطقيين، وكذا المراد بالحدود غير ما هو المعروف عندهم، وإن كان المقام لا يأباهما.
والغرائز: الطبائع والقوى النفسانية، و (البدايا) جمع (بداية) وهي الحالة العجيبة، يقال: أبدأ الرجل إذا أتى بالأمر المعجب و (البديئة) أيضا الحالة المبتدأة المبتكرة، أي عجائب مخلوقات، أو مخلوقات مبتدأة بلا اقتضاء مثال، وهو خبر مبتدأ محذوف أي: هي بدايا. و (الفطر) الابتداء والاختراع، و (الابتداع) كالتفسير له، و (نظم) أي جمع. و (ألف بلا تعليق) أي من غير أن يعلق بعضها ببعض بخيط أو نحوه. و (رهوات فرجها) الرهوة: المكان المرتفع والمنخفض أيضا، فنظمها تسويتها. وقال في النهاية: في حديث علي (1): (ونظم رهوات فرجها) أي المواضع المنفتحة منها (2). وهو مأخوذ من قولهم (رها رجليه رهوا) أي فتح، وفيه دلالة على أن السماء كانت ذات فرج وصدوع فنظمها سبحانه، وهو مناسب لما مر من أن مادتها الدخان المرتفع من الماء، إذ مثل ذلك تكون قطعا وذات فرج.