بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ١٠٨
مفاصلهم المحتجبة لتدبير حكمتك لم يعقد غيب ضميره على معرفتك، ولم يباشر قلبه اليقين بأنه لا ند لك، وكأنه لم يسمع تبرء التابعين من المتبوعين إذ يقولون (تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين) كذب العادلون بك إذ شبهوك بأصنامهم، ونحلوك حلية المخلوقين بأوهامهم، وجزؤوك تجزئة المجسمات بخواطرهم، وقدروك على الخلقة المختلفة القوى بقرائح عقولهم، فأشهد أن من ساواك بشئ من خلقك فقد عدل بك، والعادل بك كافر بما تنزلت به محكمات آياتك، ونطقت به عنه شواهد حجج بيناتك، وأنك أنت الله الذي لم يتناه في العقول فيكون في مهب فكرها مكيفا، ولا في روايات خواطرها محدودا (1) مصرفا.
ومنها: قدر ما خلق فأحكم تقديره، ودبره فألطف تدبيره، ووجهه لوجهته فلم يتعد حدود منزلته، فلم يقصر (2) دون الانتهاء إلى غايته، ولم يستصعب إذ أمر بالمضي على إرادته، وكيف؟ وإنما صدرت الأمور عن مشيته، المنشئ أصناف الأشياء بلا روية فكر آل إليها، ولا قريحة غريزة أضمر عليها، ولا تجربة أفادها من حوادث الدهور، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور، فتم خلقه وأذعن لطاعته، وأجاب إلى دعوته، ولم يعترض دونه ريث المبطئ، ولا أناة المتلكئ فأقام من الأشياء أودها، ونهج حدودها (3) ولاءم بقدرته بين متضادها، ووصل أسباب قرائنها وفرقها أجناسا مختلفات في الحدود والاقدار، والغرائز والهيئات، بدايا خلائق أحكم صنعها، وفطرها على ما أراد وابتدعها.
منها في صفة السماء: ونظم بلا تعليق رهوات فرجها، ولاحم صدوع انفراجها، وشج بينها وبين أزواجها، وذلل للهابطين بأمره والصاعدين بأعمال خلقه حزونة معراجها (4) وناداها بعد إذ هي دخان فالتحمت عرى أشراجها، وفتق

(1) في المصدر: فتكون محدودا.
(2) في المصدر وكذا في بعض النسخ: فلم يقصر.
(3) في النسخة المخطوطة: جددها.
(4) في بعض النسخ: معارجها.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376