بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٩٧
الأشياء منه وهو الماء الذي خلق الأشياء منه، فجعل نسب كل شئ إلى الماء، ولم يجعل للماء نسبا يضاف إليه، وخلق الريح من الماء، ثم سلط الريح على الماء فشققت الريح متن الماء حتى ثار من الماء زبد على قدر ما شاء أن يثور، فخلق من ذلك الزبد أرضا بيضاء نقية ليس فيها صدع ولا ثقب (1) ولا صعود ولا هبوط، ولا شجرة ثم طواها فوضعها فوق الماء، ثم خلق الله النار من الماء، فشققت النار متن الماء حتى ثار من الماء دخان على قدر ما شاء الله أن يثور، فخلق من ذلك الدخان سماء صافية نقية ليس فيها صدع ولا نقب (2) وذلك قوله (أم السماء بنيها * رفع سمكها فسواها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها) قال: ولا شمس ولا قمر، ولا نجوم ولا سحاب، ثم طواها فوضعها فوق الأرض، ثم نسب الخليقتين، فرفع السماء قبل الأرض، فذلك قوله عز ذكره (والأرض بعد ذلك دحيها) يقول: بسطها.
قال: فقال له الشامي: يا أبا جعفر! قول الله عز وجل (أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما)؟ فقال له أبو جعفر عليه السلام: فلعلك تزعم أنهما كانتا رتقا ملتزقتين ملتصقتين ففتقت إحداهما من الأخرى؟ فقال: نعم فقال أبو جعفر عليه السلام: استغفر ربك! فإن قول الله عز وجل (كانتا رتقا) يقول:
كانت السماء رتقا لا تنزل المطر، وكانت الأرض رتقا لا تنبت الحب، فلما خلق الله تبارك وتعالى الخلق وبث فيها من كل دابة ففتق السماء بالمطر، والأرض بنبات الحب. فقال الشامي: أشهد أنك من ولد الأنبياء، وأن علمك علمهم (3).
توضيح: قوله عليه السلام (ولو كان أول ما خلق) أي لو كان كما تزعمه الحكماء كل حادث مسبوقا بمادة فلا يتحقق شئ يكون أول الأشياء من الحوادث، فيلزم وجود قديم سوى الله تعالى وهو محال (فجعل نسب كل شئ إلى الماء) أي

(1) نقب (خ).
(2) ثقب (خ).
(3) روضة الكافي: 94.
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376