رأيت بني الحسن يخرج بهم في محامل فقال: اجلس، فجلست قال: فدعا غلاما له، ثم دعا ربه كثيرا ثم قال لغلامه: اذهب فإذا حملوا فأت فأخبرني، قال:
فأتاه الرسول فقال: قد اقبل بهم، فقام جعفر عليه السلام فوقف وراء ستر شعر أبيض من ورائه فطلع بعبد الله بن الحسن وإبراهيم بن الحسن وجميع أهلهم، كل واحد منهم معادله مسود، فلما نظر إليهم جعفر بن محمد عليهما السلام هملت عيناه، حتى جرت دموعه على لحيته، ثم أقبل علي فقال: يا أبا عبد الله، والله لا تحفظ لله حرمة بعد هذا، والله ما وفت الأنصار ولا أبناء الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وآله بما أعطوه من البيعة على العقبة.
ثم قال جعفر عليه السلام: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن علي ابن أبي طالب عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله قال له: خذ عليهم البيعة بالعقبة فقال: كيف آخذ عليهم؟ قال: خذ عليهم يبايعون الله ورسوله، قال ابن الجعد في حديثه:
على أن يطاع الله فلا يعصى، وقال الآخرون: على أن يمنعوا رسول الله وذريته مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم قال: فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم ثم لا أحد يمنع يد لامس اللهم فاشدد وطأتك على الأنصار.
وبإسناده إلى علي بن إسماعيل أن عيسى بن موسى لما قدم قال جعفر بن محمد عليه السلام: أهو هو؟ قيل: من تعني يا أبا عبد الله؟ قال: المتلعب بدمائنا والله لا يحلا منها بشئ (1).
وبإسناده إلى سعيد الرومي مولى جعفر بن محمد قال: أرسلني جعفر بن محمد عليه السلام أنظر ما يصنعون، فجئته فأخبرته أن محمدا قتل وأن عيسى قبض على عين أبي زياد، فنكس طويلا ثم قال: ما يدعو عيسى إلى أن يسئ بنا، ويقطع أرحامنا؟
فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها شيئا (2).