في أول الليل فقال له: لا أدعك تجوز، فألح عليه، وطلب إليه، فأبى إباء ومصادف معه، فقال له مصادف: جعلت فداك إنما هذا كلب قد آذاك، وأخاف أن يردك، و ما أدري ما يكون من أمر أبي جعفر، وأنا مرازم أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثم نطرحه في النهر؟ فقال: كف يا مصادف، فلم يزل يطلب إليه حتى ذهب من الليل أكثره فأذن له فمضى، فقال: يا مرازم هذا خير أم الذي قلتماه؟ قلت: هذا جعلت فداك فقال:
يا مرازم إن الرجل يخرج من الذل الصغير فيدخله ذلك في الذل الكبير (1).
49 - اعلام الدين للديلمي: روي عن الحسن بن علي بن يقطين، عن أبيه، عن جده قال: ولي علينا بالأهواز رجل من كثاب يحيى بن خالد، وكان علي بقايا من خراج، كان فيها زوال نعمتي وخروجي من ملكي، فقيل لي: إنه ينتحل هذا الامر، فخشيت أن ألقاه مخافة أن لا يكون ما بلغني حقا فيكون خروجي من ملكي وزوال نعمتي، فهربت منه إلى الله تعالى وأتيت الصادق عليه السلام مستجيرا فكتب إليه رقعة صغيرة فيها " بسم الله الرحمن الرحيم إن لله في ظل عرشه ظلا لا يسكنه إلا من نفس عن أخيه كربة، وأعانه بنفسه، أو صنع إليه معروفا ولو بشق تمرة، وهذا أخوك المسلم " ثم ختمها ودفعها إلي وأمرني أن أوصلها إليه، فلما رجعت إلى بلادي صرت إلى منزله فاستأذنت عليه وقلت: رسول الصادق عليه السلام بالباب فإذا أنابه وقد خرج إلي حافيا، فلما بصر بي سلم علي وقبل ما بين عيني، ثم قال لي: يا سيدي أنت رسول مولاي؟ فقال: نعم فقال: هذا عتقي من النار إن كنت صادقا، فأخذ بيدي وأدخلني منزله، وأجلسني في مجلسه وقعد بين يدي، ثم قال: يا سيدي كيف خلفت مولاي؟ فقلت: بخير فقال: الله الله؟ قلت: الله حتى أعادها، ثم ناولته الرقعة فقرأها وقبلها، ووضعها على عينيه، ثم قال:
يا أخي مر بأمرك! فقلت: في جريدتك علي كذا وكذا ألف درهم، وفيه عطبي (2) وهلاكي، فدعا بالجريدة فمحا عني كل ما كان فيها، وأعطاني براءة منها.