وصباح الزعفراني ممن يقوم بأمر عيسى بن زيد، فلما بذل المهدي لعيسى بن زيد من جهة يعقوب بن داود ما بذل له من المال والصلة نودي بذلك في الأمصار ليبلغ عيسى بن زيد فيأمن، فقال عيسى لجعفر الأحمر وصباح: قد بذل لي من المال ما بذل ووالله ما أردت حين أتيت الكوفة الخروج عليه، ولان أبيت خائفا ليلة واحدة أحب إلي من جميع ما بذل لي ومن الدنيا بأسرها.
أخبرني عبد الله بن زيد، قال: حدثني أبي قال: حدثني سعيد بن عمر ابن جنادة البجلي قال: حج عيسى بن زيد والحسن بن صالح فسمعنا مناديا ينادي ليبلغ الشاهد الغائب أن عيسى بن زيد آمن في ظهوره وتواريه، فرأى عيسى بن زيد الحسن بن صالح قد ظهر فيه سرور بذلك فقال: كأنك قد سررت بما سمعت فقال: نعم. فقال له عيسى: والله لإخافتي إياهم ساعة أحب إلي من كذا وكذا.
حدثي عيسى بن الحسين الوراق قال: حدثنا محمد بن الحسين بن مسعود الرقي قال: حدثني السري بن مسكين الأنصاري المدني قال: حدثني يعقوب بن داود قال: دخلت مع المهدي في قبة في بعض الخانات في طريق خراسان، فإذا حائطها عليه أسطر مكتوبة، فدنا ودنوت معه فإذا هي هذه الأبيات:
والله ما أطعم طعم الرقاد * خوفا إذا نامت عيون العباد شردني أهل اعتداء وما * أذنبت ذنبا غير ذكر المعاد آمنت بالله ولم يؤمنوا * فكان زادي عندهم شر زاد أقول قولا قاله خائف * مطرد قلبي كثير السهاد منخرق الخفين يشكو الوجى * تنكبه أطراف مرو حداد شرده الخوف فأزرى به * كذاك من يكره حر الجلاد قد كان في الموت له راحة * والموت حتم في رقاب العباد قال: فجعل المهدي يكتب تحت كل بيت: (لك الأمان من الله ومني فاظهر متى شئت) حتى كتب ذلك تحتها اجمع فالتفت فإذا دموعه تجري على خده