وكان إسماعيل أكبر إخوته، وكان أبو عبد الله عليه السلام شديد المحبة له، والبر به والاشفاق عليه وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه، والخليفة له من بعده، إذ كان أكبر أخوته سنا، ولميل أبيه إليه، وإكرامه له، فمات في حياة أبيه عليه السلام بالعريض (1) وحمل على رقاب الرجال إلى أبيه بالمدينة، حتى دفن بالبقيع (2).
وروي أن أبا عبد الله عليه السلام جزع عليه جزعا شديدا، وحزن عليه حزنا عظيما، وتقدم سريره بغير حذاء ولا رداء، وأمر بوضع سريره على الأرض مرارا كثيرة، وكان يكشف عن وجهه وينظر إليه، يريد بذلك تحقيق أمر وفاته عند الظانين خلافته له من بعده، وإزالة الشبهة عنه في حياته، ولما مات إسماعيل رحمة الله عليه انصرف عن القول بإمامته بعد أبيه من كان يظن ذلك ويعتقده من أصحاب أبيه عليه السلام وأقام على حياته شرذمة لم تكن من خاصة أبيه ولا من الرواة عنه وكانوا من الأباعد والأطراف، فلما مات الصادق عليه السلام انتقل فريق منهم إلى القول بامامة موسى بن جعفر عليه السلام بعد أبيه، وافترق الباقون فرقتين: فريق منهم رجعوا على حياة إسماعيل وقالوا: بامامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنهم أن الإمامة كانت في أبيه وأن الابن أحق بمقام الإمامة من الأخ، وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل وهم اليوم شذاذ لا يعرف منهم أحد يومئ إليه، وهذان الفريقان يسميان بالإسماعيلية، والمعروف منهم الآن من يزعم أن الإمامة بعد إسماعيل في ولده و ولد ولده إلى آخر الزمان (3).
وكان عبد الله بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل ولم يكن منزلته عند أبيه منزلة غيره من ولده في الاكرام، وكان متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد فيقال إنه كان يخالط الحشوية ويميل إلى مذاهب المرجئة، وادعى بعد أبيه الإمامة