أقول: روى البرسي في مشارق الأنوار (1) عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام إن المعلى بن خنيس ينال درجتنا، وإن المدينة من قابل يليها داود بن عروة، ويستدعيه ويأمره أن يكتب له أسماء شيعتنا فيأبى فيقتله ويصلبه فينا، وبذلك ينال درجتنا، فلما ولي داود المدينة من قابل أحضر المعلى وسأله عن الشيعة فقال: ما أعرفهم فقال: اكتبهم لي وإلا ضربت عنقك فقال: بالقتل تهددني؟!
والله لو كانت تحت أقدامي ما رفعتها عنهم، فأمر بضرب عنقه وصلبه، فلما دخل عليه الصادق عليه السلام قال: يا داود قتلت مولاي ووكيلي، وما كفاك القتل حتى صلبته، والله لأدعون الله عليك ليقتلك كما قتلته، فقال له داود: تهددني بدعائك ادع الله لك فإذ استجاب لك فادعه علي فخرج أبو عبد الله عليه السلام مغضبا فلما جن الليل اغتسل واستقبل القبلة ثم قال: يا ذا يا ذي يا ذوا إرم داود بسهم من سهامك، تقلقل به قلبه ثم قال لغلامه: اخرج واسمع الصائح فجاء الخبر أن داود قد هلك، فخر الامام ساجدا وقال: إنه لقد دعوت الله عليه بثلاث كلمات لو أقسمت على أهل الأرض لزلزلت بمن عليها.
قال: وروي أن المنصور لما أراد قتل أبي عبد الله استدعى قوما من الأعاجم لا يفهمون ولا يعقلون، فخلع عليهم الديباج والوشي، وحمل إليهم الأموال، ثم استدعاهم وكانوا مائة رجل وقال للترجمان: قل لهم: إن لي عدوا يدخل علي الليلة فاقتلوه إذا دخل، قال: فأخذوا أسلحتهم ووقفوا متمثلين لامره فاستدعى جعفرا وأمره أن يدخل وحده، ثم قال للترجمان: قل لهم: هذا عدوي فقطعوه فلما دخل عليه السلام تعاووا عوى الكلب، ورموا أسلحتهم، وكتفوا أيديهم إلى ظهورهم وخروا له سجدا ومرغوا وجوههم على التراب، فلما رأى المنصور ذلك خاف على نفسه وقال: ما جاء بك؟ قال: أنت، وما جئتك إلا مغتسلا محنطا، فقال المنصور:
معاذ الله أن يكون ما تزعم ارجع راشدا فرجع جعفر عليه السلام والقوم على وجوههم سجدا فقال للترجمان: قل لهم: لم لا قتلتم عدو الملك؟ فقالوا: نقتل ولينا الذي