بنفسك، ولا ترجع إلى أمك قال الغلام: فإن كان هذا هكذا فعرف أمي أني قد نجوت وهربت، لتطيب نفسها، ويقل جزعها وبكاؤها إن لم يكن لعودي إليها وجه، فهرب الغلام، ولا يدري أين قصد من أرض الله، ولا إلى أي بلد وقع، قال ذلك البناء: وقد كان الغلام عرفني مكان أمه، وأعطاني العلامة شعره، فانتهيت إليها في الموضع الذي كان دلني عليه، فسمعت دويا كدوي النحل من البكاء، فعلمت أنها أمه، فدنوت منها وعرفتها خبر ابنها، وأعطيتها شعره، وانصرفت (1).
28 - إقبال الأعمال: إنا روينا دعاء النصف من رجب عن خلق كثير قد تضمن ذكر أسمائهم كتاب الإجازات، وسوف أذكر كل رواياته، فمن الروايات في ذلك أن المنصور لما حبس عبد الله بن الحسن وجماعة من آل أبي طالب، وقتل ولديه محمدا وإبراهيم، أخذ داود بن الحسن بن الحسن، وهو ابن داية أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام، لان أم داود أرضعت الصادق عليه السلام منها بلبن ولدها داود، وحمله مكبلا بالحديد، قالت أم داود: فغاب عني حينا بالعراق، ولم أسمع له خبرا ولم أزل أدعو وأتضرع إلى الله جل اسمه وأسأل إخواني من أهل الديانة، والجد والاجتهاد، أن يدعوا الله تعالى، وأنا في ذلك كله لا أرى في دعائي الإجابة.
فدخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات عليهما يوما أعوده في علة وجدها فسألته عن حاله، ودعوت له، فقال لي: يا أم داود! وما فعل داود؟ وكنت قد أرضعته بلبنه فقلت: يا سيدي وأين داود؟ وقد فارقني منذ مدة طويلة، وهو محبوس بالعراق، فقال: وأين أنت عن دعاء الاستفتاح، وهو الدعاء الذي تفتح له أبواب السماء، ويلقى صاحبه الإجابة من ساعته، وليس لصاحبه عند الله تعالى جزاء إلا الجنة؟ فقلت له: كيف ذلك يا ابن الصادقين؟ فقال لي: يا أم داود قد دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب، وهو شهر مسموع فيه الدعاء، شهر الله الأصم وصومي الثلاثة الأيام البيض، وهو يوم الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر ، واغتسلي في يوم الخامس عشر وقت الزوال (2).