من حديد فلا يصدع رأسه أبدا، ولولا ذلك لما جاء في الحديث، إن الدنيا لا تساوي عند الله عز وجل جناح بعوضة، ولولا ذلك ما سقى كافرا منها شربة من ماء، ولولا ذلك لما جاء في الحديث: لو أن مؤمنا على قلة جبل لابتعث الله له كافرا أو منافقا يؤذيه ولولا ذلك لما جاء في الحديث: إنه إذا أحب الله قوما أو أحب عبدا صب عليه البلاء صبا، فلا يخرج من غم إلا وقع في غم.
ولولا ذلك لما جاء في الحديث، ما من جرعتين أحب إلى الله عز وجل أن يجرعهما عبده المؤمن في الدنيا، من جرعة غيظ كظم عليها، وجرعة حزن عند مصيبة، صبر عليها بحسن عزاء واحتساب، ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يدعون على من ظلمهم بطول العمر وصحة البدن وكثرة المال والولد، ولولا ذلك ما بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا خص رجلا بالترحم عليه والاستغفار استشهد فعليكم يا عم وابن عم وبني عمومتي وإخوتي بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى الله عز وجل والرضا بالصبر على قضائه، والتمسك بطاعته، والنزول عند أمره أفرغ الله علينا وعليكم الصبر، وختم لنا ولكم بالأجر والسعادة، وأنقذنا وإياكم من كل هلكة، بحوله وقوته إنه سميع قريب، وصلى الله عليه صفوته من خلقه محمد النبي وأهل بيته (1).
أقول: وهذا آخر التعزية بلفظها من أصل صحيح، بخط محمد بن علي بن مهجناب البزاز تاريخه في صفر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، وقد اشتملت هذه التعزية على وصف عبد الله بن الحسن بالعبد الصالح، والدعاء له وبني عمه بالسعادة، وهذا يدل على أن الجماعة المحمولين كانوا عند مولانا الصادق عليه السلام معذورين وممدوحين ومظلومين، وبحبه عارفين.
أقول: وقد يوجد في الكتب أنهم كانوا للصادقين عليهم السلام مفارقين، وذلك محتمل للتقية لئلا ينسب إظهارهم لانكار المنكر إلى الأئمة الطاهرين.
ومما يدل عليه ما رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس أحمد بن نصر بن سعد من