فإن لم تفعل لأضربن عنقك فقلت: نعم يا أمير المؤمنين ثم قلت لغلماني وأصحابي:
اذكروني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة إن شاء الله تعالى فلم يزل غلماني وأصحابي يذكروني به في كل وقت ومنزل ندخله وننزل فيه حتى قدمنا المدينة فلما نزلنا بها دخلت إلى المنصور فوقفت بين يديه وقلت له: يا أمير المؤمنين جعفر بن محمد!
قال: فضحك وقال لي: نعم اذهب يا ربيع فائتني به ولا تأتني به إلا مسحوبا قال:
فقلت له: يا مولاي يا أمير المؤمنين حبا وكرامة، وأنا أفعل ذلك طاعة لأمرك قال: ثم نهضت وأنا في حال عظيم من ارتكابي ذلك قال: فأتيت الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام وهو جالس في وسط داره فقلت له: جعلت فداك إن أمير المؤمنين يدعوك إليه فقال لي: السمع والطاعة، ثم نهض وهو معي يمشي قال: فقلت له:
يا ابن رسول الله إنه أمرني أن لا آتيه بك إلا مسحوبا قال: فقال الصادق: امتثل يا ربيع ما أمرك به، قال: فأخذت بطرف كمه أسوقه إليه، فلما أدخلته إليه رأيته وهو جالس على سريره، وفي يده عمود حديد يريد أن يقتله به، ونظرت إلى جعفر عليه السلام وهو يحرك شفتيه، فلم أشك أنه قاتله، ولم أفهم الكلام الذي كان جعفر يحرك شفتيه به، فوقفت أنظر إليهما.
قال الربيع: فلما قرب منه جعفر بن محمد قال له المنصور: ادن مني يا ابن عمي، وتهلل وجهه، وقربه منه، حتى أجلسه معه على السرير، ثم قال: يا غلام ائتني بالحقة (1) فأتاه بالحقة فإذا فيها قدح الغالية (2) فغلفه منها بيده، ثم حمله على بغلة، وأمر له ببدرة وخلعة، ثم أمره بالانصراف قال: فلما نهض من عنده، خرجت بين يديه حتى وصل إلى منزله فقلت له: بأبي أنت وأمي يا ابن رسول الله إني لم أشك فيه ساعة تدخل عليه يقتلك، ورأيتك تحرك شفتيك في وقت دخولك، فما قلت؟ قال لي: نعم يا ربيع اعلم أني قلت " حسبي الرب من المربوبين " الدعاء (3).