إلى أمير المؤمنين، ومن أحسن إلى أمير المؤمنين فقد أحسن إلى رسول الله، ومن أحسن إلى رسول الله فقد أحسن إلى الله ومن أحسن إلى الله كان والله معنا في الرفيع الأعلى قال: فأتيته وذكرته فقال: بالله سمعت هذا الحديث من الصادق عليه السلام؟ فقلت: نعم فقال: اجلس ثم قال: يا غلام ما على محمد بن سعيد من الخراج؟ قال: ستون ألف درهم قال: امح اسمه من الديوان، وأعطاني بدرة وجارية وبغلة بسرجها ولجامها، قال: فأتيت أبا عبد الله فلما نظر إلي تبسم فقال:
يا أبا محمد تحدثني أو أحدثك؟ فقلت: يا ابن رسول الله منك أحسن فحدثني والله الحديث كأنه حاضر معي (1).
محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر: أن المنصور قد كان هم بقتل أبي عبد الله عليه السلام غير مرة فكان إذا بعث إليه ودعاه ليقتله، فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله غير أنه منع الناس عنه، ومنعه من القعود للناس، واستقصى عليه أشد الاستقصاء حتى أنه كان يقع لأحدهم مسألة في دينه، في نكاح أو طلاق أو غير ذلك فلا يكون علم ذلك عندهم، ولا يصلون إليه فيعتزل الرجل وأهله، فشق ذلك على شيعته وصعب عليهم حتى ألقى الله عز وجل في روع المنصور أن يسأل الصادق عليه السلام ليتحفه بشئ من عنده، لا يكون لاحد مثله، فبعث إليه بمخصرة كانت للنبي صلى الله عليه وآله طولها ذراع، ففرح بها فرحا شديدا، وأمر أن تشق له أربعة أرباع وقسمها في أربعة مواضع، ثم قال له: ما جزاؤك عندي إلا أن أطلق لك، وتفشي علمك لشيعتك ولا أتعرض لك، ولا لهم، فاقعد غير محتشم وافت الناس، ولا تكن في بلد أنا فيه، ففشى العلم عن الصادق عليه السلام (2).
بيان: في القاموس (3) المخصرة كمكنسة ما يتوكأ عليها، كالعصا ونحوه وما يأخذه الملك يشير به إذا خاطب، والخطيب إذا خطب.