فيا ويح من رضي عنها، وأقر عينا بها، أما رأى مصرع آبائه، ومن سلف من أعدائه وأوليائه، يا ربيع أطول بها حيرة وأقبح بها كثرة، وأخسر بها صفقة، وأكبر بها ترحة، إذا عاين المغرور بها أجلة، وقطع بالأماني أمله، وليعمل على أنه أعطي أطول الأعمار وأمدها، وبلغ فيها جميع الآمال، هل قصاراه إلا الهرم؟ أو غايته إلا الوخم؟ نسأل الله لنا ولك عملا صالحا بطاعته، ومآبا إلى رحمته، ونزوعا عن معصيته، وبصيرة في حقه، فإنما ذلك له وبه، فقلت: يا أبا عبد الله أسألك بكل حق بينك وبين الله جل وعلا إلا عرفتني ما ابتهلت به إلى ربك تعالى، وجعلته حاجزا بينك وبين حذرك وخوفك، لعل الله يجبر بدوائك كسيرا، ويغني به فقيرا والله ما أعني غير نفسي قال الربيع: فرفع يده وأقبل على مسجده كارها أن يتلو الدعاء صحفا (1) ولا يحضر ذلك بنية فقال: اللهم إني أسألك يا مدرك الهاربين إلى آخر ما سيأتي في كتاب الدعاء (2).
بيان: قبال النعل ككتاب زمام بين الإصبع الوسطى والتي تليها، والزبرج بالكسر الزينة، وراقه أعجبه، وهاج النبت يبس، والترح محركة الهم قوله عليه السلام وقطع بالأماني أمله ينبغي أن يقرأ على بناء المجهول أي قطع أمله مع الأماني التي كان يأمل حصولها، ويقال: طعام وخيم أي غير موافق.
37 - الكتاب العتيق الغروي، مهج الدعوات: الحسن بن محمد النوفلي، عن الربيع صاحب المنصور قال:
حججت مع أبي جعفر المنصور فلما كان في بعض الطريق قال لي المنصور: يا ربيع إذا نزلت المدينة فاذكر لي جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي فوالله العظيم لا يقتله أحد غيري احذر تدع أن تذكرني به، قال: فلما صرنا إلى المدينة أنساني الله عز وجل ذكره قال: فلما صرنا إلى مكة قال لي: يا ربيع ألم آمرك أن تذكرني بجعفر بن محمد إذا دخلنا المدينة؟ قال: فقلت: نسيت ذلك يا مولاي يا أمير المؤمنين قال: فقال لي: إذا رجعت إلى المدينة فاذكرني به، فلا بد من قتله