يلقانا كل يوم ويدبر أمرنا كما يدبر الرجل ولده، ولا نعرف وليا سواه؟ فخاف المنصور من قولهم، وسرحهم تحت الليل ثم قتله عليه السلام بالسم (1).
28 - كشف الغمة: من كتاب محمد بن طلحة (2) قال: حدث عبد الله بن الفضل بن الربيع، عن أبيه قال: حج المنصور سنة سبع وأربعين ومائة فقدم المدينة وقال للربيع: ابعث إلى جعفر بن محمد من يأتينا به متعبا، قتلني الله إن لم أقتله، فتغافل الربيع عنه لينساه، ثم أعاد ذكره للربيع وقال: ابعث من يأتي به متعبا، فتغافل عنه، ثم أرسل إلى الربيع رسالة قبيحة أغلظ عليه فيها، وأمره أن يبعث من يحضر جعفرا، ففعل، فلما أتاه قال له الربيع: يا أبا عبد الله أذكر الله فإنه قد أرسل إليك بما لا دافع له غير الله، فقال جعفر: لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم إن الربيع أعلم المنصور بحضوره، فلما دخل جعفر عليه أوعده وأغلظ وقال: أي عدو الله أتخذك أهل العراق إماما، يبعثون إليك زكاة أموالهم، وتلحد في سلطاني، وتبغيه الغوائل، قتلني الله إن لم أقتلك، فقال له: يا أمير المؤمنين إن سليمان عليه السلام أعطي فشكر، وإن أيوب ابتلي فصبر، وإن يوسف ظلم فغفر، وأنت من ذلك السنخ، فلما سمع المنصور ذلك منه قال له: إلي وعندي أبا عبد الله أنت البرئ الساحة، السليم الناحية، القليل الغائلة، جزاك الله من ذي رحم، أفضل ما جزى ذوي الأرحام عن أرحامهم، ثم تناول يده فأجلسه معه على فرشه، ثم قال: علي بالطيب، فاتي بالغالية فجعل يغلف لحية جعفر عليه السلام بيده، حتى تركها تقطر، ثم قال: قم في حفظ الله وكلاءته ثم قال: يا ربيع الحق أبا عبد الله جائزته، وكسوته، انصرف أبا عبد الله في حفظه وكنفه، فانصرف. قال الربيع: ولحقته فقلت: إني قد رأيت قبلك ما لم تره، ورأيت بعدك ما لا رأيته، فما قلت يا أبا عبد الله حين دخلت؟ قال: قلت:
" اللهم احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام، واغفر لي بقدرتك علي ولا أهلك وأنت رجائي، اللهم أنت أكبر وأجل مما أخاف وأحذر، اللهم