فشكر، فهؤلاء أنبياء الله، وإليهم يرجع نسبك.
فقال له المنصور: أجل ارتفع ههنا، فارتفع، فقال له: إن فلان بن فلان أخبرني عنك بما ذكرت فقال: أحضره يا أمير المؤمنين ليوافقني على ذلك، فأحضر الرجل المذكور فقال له المنصور: أنت سمعت ما حكيت عن جعفر؟ قال: نعم فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فاستحلفه على ذلك.
فقال له المنصور: أتحلف؟ قال: نعم وابتدأ باليمين فقال له أبو عبد الله عليه السلام:
دعني يا أمير المؤمنين أحلفه أنا؟ فقال له: افعل فقال أبو عبد الله عليه السلام للساعي:
قل: برئت من حول الله وقوته، والتجأت إلى حولي وقوتي، لقد فعل كذا وكذا جعفر، فامتنع منها هنيئة، ثم حلف بها، فما برح حتى ضرب برجله، فقال أبو جعفر: جروا برجله، فأخرجوه لعنه الله.
قال الربيع: وكنت رأيت جعفر بن محمد عليه السلام حين دخل على المنصور يحرك شفتيه، وكلما حركهما سكن غضب المنصور، حتى أدناه منه، وقد رضي عنه، فلما خرج أبو عبد الله عليه السلام من عند أبي جعفر المنصور اتبعته، فقلت له: إن هذا الرجل كان من أشد الناس غضبا عليك، فلما دخلت عليه وأنت تحرك شفتيك كلما حركتهما سكن غضبه، فبأي شئ كنت تحركهما؟ قال: بدعاء جدي الحسين ابن علي عليهما السلام، قلت: جعلت فداك وما هذا الدعاء؟ قال: " يا عدتي عند شدتي، و يا غوثي في كربتي، احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني؟ بركنك الذي لا يرام " قال الربيع: فحفظت هذا الدعاء، فما نزلت بي شدة قط إلا دعوت به ففرج قال: وقلت لجعفر بن محمد عليه السلام: لم منعت الساعي أن يحلف بالله؟ قال: كرهت أن يراه الله يوحده ويمجده فيحلم عنه، ويؤخر عقوبته، فاستحلفته بما سمعت فأخذه أخذة رابية (1).
بيان: قال البيضاوي (2) في قوله تعالى " أخذه رابية " أي زائدة في الشدة