يدعو فقال: يا رب يا رب، حتى انقطع نفسه، ثم قال: رب رب، حتى انقطع نفسه ثم قال: يا الله يا الله، حتى انقطع نفسه ثم قال: يا حي يا حي حتى انقطع نفسه، ثم قال: يا رحيم يا رحيم حتى انقطع نفسه، ثم قال:
يا أرحم الراحمين حتى انقطع نفسه سبع مرات ثم قال: اللهم إني أشتهي من هذا العنب فأطعمنيه، اللهم وإن بردي قد أخلقا، قال الليث: فوالله ما استتم كلامه حتى نظرت إلى سلة مملوة عنبا، وليس على الأرض يومئذ عنب، وبردين جديدين موضوعين، فأراد أن يأكل فقلت له: أنا شريكك فقال لي: ولم؟ فقلت:
لأنك كنت تدعو وأنا أؤمن فقال لي: تقدم فكل ولا تخبأ شيئا فتقدمت فأكلت شيئا لم آكل مثله قط وإذا عنب لا عجم له (1) فأكلت حتى شبعت، والسلة لن تنقص ثم قال لي: خذ أحد البردين إليك، فقلت: أما البردان فإني غني عنهما فقال لي: توار عني حتى ألبسهما، فتواريت عنه فاتزر بالواحد، وارتدى بالآخر، ثم أخذ البردين اللذين كانا عليه، فجعلهما على يده ونزل، فاتبعته، حتى إذا كان بالمسعى لقيه رجل فقال: اكسني كساك الله، فدفعهما إليه، فلحقت الرجل فقلت:
من هذا قال: هذا جعفر بن محمد عليهما السلام قال الليث: فطلبته لأسمع منه فلم أجده، فيا لهذه الكرامة ما أسناها، ويا لهذه المنقبة ما أعظم صورتها ومعناها (2).
أقول: ثم قال علي بن عيسى: حديث الليث مشهور، وقد ذكره جماعة من الرواة، ونقلة الحديث، وأول ما رأيته في كتبا المستغيثين تأليف الفقيه العالم أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن يشكول رحمه الله، وهذا الكتاب قرأته على الشيخ العدل رشيد الدين أبي عبد الله محمد بن أبي القاسم بن عمر بن أبي القاسم، وهو قرأه على الشيخ العالم محيي الدين أستاد دار الخلافة أبي محمد يوسف بن الشيخ أبي الفرج بن الجوزي، وهو يرويه عن مؤلفه إجازة وكانت قراءتي في شعبان من سنة ست وثمانين وستمائة، بداري المطلة على دجلة ببغداد عمرها الله تعالى، وقد أورد