أما بعد فقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قال في حياته: " من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان ثم لم يغير بقول ولا فعل، كان حقيقا على الله أن يدخله مدخله " وقد علمتم أن هؤلاء القوم قد لزموا طاعة الشيطان، وتولوا عن طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفيئ، وأحلوا حرام الله، وحرموا حلاله، وإني أحق بهذا الأمر لقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وآله.
وقد أتتني كتبكم وقدمت علي رسلكم ببيعتكم، أنكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فان وفيتم لي ببيعتكم فقد أصبتم حظكم ورشدكم، ونفسي مع أنفسكم وأهلي وولدي مع أهاليكم وأولادكم، فلكم بي أسوة، وإن لم تفعلوا ونقضتم عهودكم وخلعتم بيعتكم، فلعمري ما هي منكم بنكر لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمي والمغرور من اغتر بكم، فحظكم أخطأتم، ونصيبكم ضيعتم، ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، وسيغني الله عنكم والسلام.
ثم طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى قيس بن مسهر الصيداوي - وساق الحديث كما مر - ثم قال: ولما بلغ الحسين قتل قيس استعبر باكيا ثم قال: " اللهم اجعل لنا ولشيعتنا عندك منزلا كريما، واجمع بيننا وبينهم في مستقر من رحمتك إنك على كل شئ قدير ".
قال: فوثب إلى الحسين عليه السلام رجل من شيعته يقال له هلال بن نافع البجلي فقال: يا ابن رسول الله أنت تعلم أن جدك رسول الله لم يقدر أن يشرب الناس محبته ولا أن يرجعوا إلى أمره ما أحب، وقد كان منهم منافقون يعدون بالنصر، ويضمرون له الغدر، يلقونه بأحلى من العسل، ويخلفونه بأمر من الحنظل، حتى قبضه الله إليه، وإن أباك عليا رحمة الله عليه قد كان في مثل ذلك، فقوم قد أجمعوا على نصره وقاتلوا معه الناكثين والقاسطين والمارقين، حتى أتاه أجله فمضى إلى رحمة الله ورضوانه، وأنت اليوم عندنا في مثل تلك الحالة، فمن نكث عهده، وخلع بيعته، فلن يضر إلا نفسه، والله مغن عنه، فسر بنا راشدا معافا مشرقا إن شئت، وإن