ثم نزل عن المنبر ووفر الناس العطاء وأمرهم أن يخرجوا إلى حرب الحسين عليه السلام، ويكونوا عونا لابن سعد على حربه، فأول من خرج شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف، فصار ابن سعد في تسعة آلاف، ثم أتبعه بيزيد بن ركاب الكلبي في ألفين، والحصين بن نمير السكوني في أربعة آلاف، وفلانا المازني في ثلاثة آلاف، ونصر بن فلان في ألفين، فذلك عشرون ألفا.
ثم أرسل إلى شبث بن ربعي أن أقبل إلينا وإنا نريد أن نوجه بك إلى حرب الحسين، فتمارض شبث، وأراد أن يعفيه ابن زياد فأرسل إليه: أما بعد فان رسولي أخبرني بتمارضك، وأخاف أن تكون من الذين إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزؤن، إن كنت في طاعتنا فأقبل إلينا مسرعا.
فأقبل إليه شبث بعد العشاء لئلا ينظر إلى وجهه فلا يرى عليه أثر العلة فلما دخل رحب به وقرب مجلسه، وقال: أحب أن تشخص إلى قتال هذا الرجل عونا لابن سعد عليه، فقال: أفعل أيها الأمير، فما زال يرسل إليه بالعساكر حتى تكامل عنده ثلاثون ألفا ما بين فارس وراجل، ثم كتب إليه ابن زياد أني لم أجعل لك علة في كثرة الخيل والرجال، فانظر لا أصبح ولا أمسي إلا وخبرك عندي غدوة وعشية، وكان ابن زياد يستحث عمر بن سعد لستة أيام مضين من المحرم.
وأقبل حبيب بن مظاهر إلى الحسين عليه السلام فقال: يا ابن رسول الله ههنا حي من بني أسد بالقرب منا أتأذن لي في المصير إليهم فأدعوهم إلى نصرتك، فعسى الله أن يدفع بهم عنك، قال: قد أذنت لك، فخرج حبيب إليهم في جوف الليل متنكرا حتى أتى إليهم فعرفوه أنه من بني أسد، فقالوا: ما حاجتك؟ فقال: إني قد أتيتكم بخير ما أتى به وافد إلى قوم، أتيتكم أدعوكم إلى نصر ابن بنت نبيكم فإنه في عصابة من المؤمنين الرجل منهم خير من ألف رجل، لن يخذلوه ولن يسلموه أبدا وهذا عمر بن سعد قد أحاط به، وأنتم قومي وعشيرتي، وقد أتيتكم بهذه النصيحة