فبلغ العطش من الحسين عليه السلام وأصحابه فدخل عليه رجل من شيعته يقال له:
يزيد بن الحصين الهمداني - قال إبراهيم بن عبد الله راوي الحديث: هو خال أبي إسحاق الهمداني فقال: يا ابن رسول الله تأذن لي فأخرج إليهم فأكلمهم؟ فأذن له فخرج إليهم فقال: يا معشر الناس إن الله عز وجل بعث محمدا بالحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها، وقد حيل بينه وبين ابنه، فقالوا: يا يزيد فقد أكثرت الكلام فاكفف فوالله ليعطشن الحسين كما عطش من كان قبله، فقال الحسين عليه السلام: اقعد يا يزيد.
ثم وثب الحسين عليه السلام متوكيا على سيفه، فنادى بأعلا صوته، فقال:
أنشدكم الله هل تعرفوني؟ قالوا: نعم أنت ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسبطه، قال:
أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمد، قالوا: اللهم نعم، قال:
أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب عليه السلام قالوا: اللهم نعم، قال:
أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاما؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن سيد الشهداء حمزة عم أبي؟
قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن جعفر الطيار في الجنة عمي؟
قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله وأنا متقلده؟
قالوا: اللهم نعم، قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله أنا لابسها؟
قالوا: اللهم نعم قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن عليا كان أولهم إسلاما وأعلمهم علما وأعظمهم حلما وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟ قالوا اللهم نعم، قال: فبم تستحلون دمي؟ وأبي الذائد عن الحوض غدا يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء، ولواء الحمد في يد [ي] جدي يوم القيامة، قالوا علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا.