واغتسلوا واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم، ثم صلى بهم الفجر وعبأهم تعبية الحرب، وأمر بحفيرته التي حول عسكره فأضرمت بالنار، ليقاتل القوم من وجه واحد، وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له يقال له: ابن أبي جويرية المزني فلما نظر إلى النار تتقد صفق بيده ونادى: يا حسين وأصحاب حسين أبشروا بالنار! فقد تعجلتموها في الدنيا، فقال الحسين عليه السلام: من الرجل؟ فقيل ابن أبي جويرية المزني، فقال الحسين عليه السلام: اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا فنفر به فرسه وألقاه في تلك النار فاحترق.
ثم برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له تميم بن حصين الفزاري فنادى:
يا حسين ويا أصحاب حسين أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيات (1) والله لا ذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعا فقال الحسين عليه السلام: من الرجل فقيل تميم بن حصين فقال الحسين: هذا وأبوه من أهل النار اللهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم، قال: فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه، فوطأته الخيل بسنابكها فمات.
ثم أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد يقال له: محمد بن أشعث بن قيس الكندي فقال: يا حسين بن فاطمة أية حرمة لك من رسول الله ليست لغيرك؟ فتلا الحسين هذه الآية: " إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية " الآية (2) ثم قال: والله إن محمدا لمن آل إبراهيم، وإن العترة الهادية لمن آل محمد من الرجل؟ فقيل: محمد بن أشعث بن قيس الكندي فرفع الحسين عليه السلام رأسه إلى السماء فقال: اللهم أر محمد بن الأشعث ذلا في هذا اليوم لا تعزه بعد هذا اليوم أبدا، فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز، فسلط الله عليه عقربا فلدغته، فمات بادي العورة.