فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلي من حبيبك محمد، فأوحى الله إليه: أفهو أحب إليك أم نفسك؟ قال: بل هو أحب إلي من نفسي، قال: فولده أحب إليك أم ولدك؟
قال: بل ولده، قال: بذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي.
قال: يا إبراهيم فان طائفة تزعم أنها من أمة محمد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش، ويستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم لذلك وتوجع قلبه وأقبل يبكي، فأوحى الله عز وجل: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل - لو ذبحته بيدك - بجزعك على الحسين وقتله، وأو جبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب وذلك قول الله عز وجل " وفديناه بذبح عظيم " (1).
بيان: أقول: قد أورد على هذا الخبر إعضال وهو أنه إذا كان المراد بالذبح العظيم قتل الحسين عليه السلام لا يكون المفدى عنه أجل رتبة من المفدى به فان أئمتنا صلوات الله عليهم أشرف من أولي العزم عليهم السلام فكيف من غيرهم؟ مع أن الظاهر من استعمال لفظ الفداء، التعويض عن الشئ بما دونه في الخطر والشرف.
وأجيب بأن الحسين عليه السلام لما كان من أولاد إسماعيل فلو كان ذبح إسماعيل لم يوجد نبينا وكذا سائر الأئمة وسائر الأنبياء عليهم السلام من ولد إسماعيل عليه السلام فإذا عوض من ذبح إسماعيل بذبح واحد من أسباطه وأولاده وهو الحسين عليه السلام فكأنه عوض عن ذبح الكل وعدم وجودهم بالكلية بذبح واحد من الأجزاء بخصوصه ولا شك في أن مرتبة كل السلسة أعظم وأجل من مرتبة الجزء بخصوصه.
وأقول: ليس في الخبر أنه فدى إسماعيل بالحسين، بل فيه أنه فدى جزع إبراهيم على إسماعيل، بجزعه على الحسين عليه السلام، وظاهر أن الفداء على