أقبلوا إليه في جمعهم ولحقتهم عائشة على بغل وهي تقول: مالي ولكم؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب، وجعل مروان يقول: " يا رب هيجاهي خير من دعة " أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبي؟ صلى الله عليه وآله لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف، وكادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم، وبين بني أمية.
فبادر ابن عباس رحمه الله إلى مروان فقال له: ارجع يا مروان من حيث جئت فانا ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة، فندفنه عندها بوصيته بذلك، ولو كان أوصى بدفنه مع النبي صلى الله عليه وآله لعلمت أنك أقصر باعا من ردنا عن ذلك، لكنه كان أعلم بالله وبرسوله وبحرمة قبره من أن يطرق عليه هدما كما طرق ذلك غيره، ودخل بيته بغير إذنه.
ثم أقبل على عائشة وقال لها: وا سوأتاه يوما على بغل ويوما على جمل؟
تريدين أن تطفئي نور الله وتقاتلي أولياء الله، ارجعي فقد كفيت الذي تخافين وبلغت ما تحبين، والله منتصر لأهل هذا البيت ولو بعد حين.
وقال الحسين عليه السلام: والله لولا عهد الحسن إلي بحقن الدماء وأن لا أهريق في أمره محجمة دم، لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مآخذها، وقد نقضتم العهد بيننا وبينكم، وأبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا. ومضوا بالحسن عليه السلام فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف رضي الله عنها.
مناقب ابن شهرآشوب: مثله مع اختصار وزاد فيه: ورموا بالنبال جنازته حتى سل منها سبعون نبلا فقال ابن عباس بعد كلام: جملت وبغلت ولو عشت لفيلت (1).
26 - الإرشاد: لما استقر الصلح بين الحسن عليه السلام ومعاوية خرج الحسن عليه السلام إلى المدينة، فأقام بها كاظما غيظه، لازما منزله، منتظرا لأمر ربه عز وجل إلى أن تم لمعاوية عشر سنين من إمارته، وعزم على البيعة لابنه يزيد، فدس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس وكانت زوجة الحسن عليه السلام - من حملها على سمه، وضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد، فأرسل إليها مائة ألف درهم، فسقته جعدة السم فبقي