قال ابن عباس: وكنت أول من انصرف، فسمعت اللغظ (1) وخفت أن يعجل الحسين على من قد أقبل، ورأيت شخصا علمت الشر فيه، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال.
فلما رأتني قالت: إلي إلي يا ابن عباس! لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب، فقلت:
وا سوأتاه يوم على بغل، ويوم على جمل، تريدين أن تطفئي نور الله، وتقاتلي أولياء الله، وتحولي بين رسول الله وبين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي فقد كفى الله عز وجل المؤنة، ودفن الحسن عليه السلام إلى جنب أمه، فلم يزدد من الله تعالى إلا قربا، وما ازددتم منه والله إلا بعدا، يا سوأتاه انصرفي فقد رأيت ما سرك.
قال: فقطبت في وجهي، ونادت بأعلى صوتها: أوما نسيتم الجمل، يا ابن عباس إنكم لذوو أحقاد، فقلت: أم والله ما نسيته أهل السماء، فكيف تنساه أهل الأرض فانصرفت وهي تقول:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قر عينا بالإياب المسافر (2) بيان: الرحل للبعير، كالسرج للفرس، ولعل المراد بالمرحل هنا المسرج ويحتمل أن يكون من الرحالة ككتابة وهي السرج، والنوى الوجه الذي ينويه المسافر من قرب أو بعد، ويقال: استقرت نواهم أي أقاموا.
23 - الخرائج: روي عن الصادق، عن آبائه عليهم السلام أن الحسن عليه السلام قال لأهل بيته: إني أموت بالسم كما مات رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا: ومن يفعل ذلك؟ قال:
امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس، فان معاوية يدس إليها ويأمرها بذلك، قالوا:
أخرجها من منزلك، وباعدها من نفسك، قال: كيف أخرجها ولم تفعل بعد شيئا