ما سوى ذلك، قال: فان الله يقول في القرآن " يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون " (1).
قال: يا ابن عباس أربع على نفسك، وكف لسانك، وإن كنت لابد فاعلا فليكن ذلك سرا لا يسمعه أحد علانية.
ثم رجع إلى بيته فبعث إليه بمائة ألف درهم.
ونادى منادي معاوية: أن برئت الذمة ممن روى حديثا في مناقب علي وفضل أهل بيته، وكان أشد الناس بلية أهل الكوفة والبصرة، لكثرة من بها من الشيعة فاستعمل زياد بن أبيه وضم إليه العراقين الكوفة والبصرة، فجعل يتتبع الشيعة وهو بهم عارف، يقتلهم تحت كل حجر ومدر، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وصلبهم في جذوع النخل، وسمل أعينهم وطردهم وشردهم حتى نفوا عن العراق فلم يبق بها أحد معروف مشهور، فهم بين مقتول أو مصلوب أو محبوس أو طريد أو شريد.
وكتب معاوية إلى جميع عماله في الأمصار: أن لا تجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة، وانظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه ومحبي أهل بيته وأهل ولايته، والذين يروون فضله ومناقبه، فأدنوا مجالسهم، وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا بمن يروي من مناقبه باسمه واسم أبيه وقبيلته، ففعلوا حتى كثرت الرواية في عثمان، وافتعلوها لما كان يبعث إليهم من الصلات والخلع والقطائع من العرب والموالي فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في الأموال والدنيا فليس أحد يجيئ من مصر من الأمصار فيروي في عثمان منقبة أو فضيلة إلا كتب اسمه وقرب وأجيز فلبثوا بذلك ما شاء الله.
ثم كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر، فادعوا الناس إلى الرواية في معاوية وفضله وسوابقه. فان ذلك أحب إلينا وأقر لأعيننا وأدحض لحجة أهل هذا البيت، وأشد عليهم.