لن يقول فيه قولا إلا أنزله سامعوه منه به حسدا، ورفعوا به صعدا، والحسن يا أمير المؤمنين معتدل شبابه، أحضر ما هو كائن جوابه، فأخاف أن يرد عليك كلامك بنوافذ تردع سهامك، فيقرع بذلك ظنبوبك، ويبدي به عيوبك، فإذا كلامك فيه صار له فضلا، وعليك كلا، إلا أن تكون تعرف له عيبا في أدب، أو وقيعة في حسب وإنه لهو المهذب، قد أصبح من صريح العرب، في غر لبابها، وكريم محتدها وطيب عنصرها، فلا تفعل يا أمير المؤمنين.
ثم قال الضحاك بن قيس الفهري: أمض يا أمير المؤمنين فيه رأيك، ولا تنصرف عنه بلأيك (1) فإنك لو رميته بقوارض كلامك، ومحكم جوابك، لقد ذل لك كما يذل البعير الشارف من الإبل، فقال: أفعل.
وحضرت الجمعة فصعد معاوية المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وآله وذكر علي بن أبي طالب فتنقصه ثم قال: أيها الناس إن شيبة من قريش ذوي سفه وطيش، وتكدر من عيش، أتعبتهم المقادير، اتخذ الشيطان رؤوسهم مقاعد، وألسنتهم مبادر، فباض وفرخ في صدورهم، ودرج في نحورهم، فركب بهم الزلل، وزين لهم الخطل، وأعمى عليهم السبل، وأرشدهم إلى البغي والعدوان، والزور والبهتان فهم له شركاء، وهو لهم قرين، ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا، وكفى بي لهم ولهم مؤدبا، والمستعان الله.
فوثب الحسن بن علي عليهما السلام وأخذ بعضادة المنبر فحمد الله وصلى على نبيه ثم قال: أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي (بن أبي طالب) أنا ابن نبي الله، أنا ابن من جعلت له الأرض مسجدا وطهورا، أنا ابن السراج المنير أنا ابن البشير النذير، أنا ابن خاتم النبيين، وسيد المرسلين، وإمام المتقين، ورسول رب العالمين، أنا ابن من بعث إلى الجن والإنس، أنا ابن من بعث رحمة للعالمين.
فلما سمع كلامه معاوية غاظ منطقه وأراد أن يقطع عليه فقال: يا حسن عليك