وتبنى مدينة يقال لها الزوراء بين دجلة ودجيل والفرات، فلو رأيتموها مشيدة بالجص والآجر مزخرفة بالذهب والفضة واللازورد المستسقى والمرمر والرخام وأبواب العاج والآبنوس والخيم والقباب والستارات، وقد عليت بالساج والعرعر والصنوبر والشب، وشيدت بالقصور وتوالت عليها ملك بني الشيصبان أربعة وعشرون ملكا على عدد سني الملك (1)، فيهم السفاح والمقلاص والجموح والخدوع والمظفر والمؤنث والنظار والكبش والمتهور والعشار والمضطلم والمستصعب والعلام والرهباني والخليع والسيار والمترف والكديد والأكتب والمترف والأكلب والوثيم و (2) الظلام والعينوق. وتعمل القبة الغبراء ذات الفلاة الحمراء، وفي عقبها قائم الحق يسفر عن وجهه بين الأقاليم كالقمر المضيئ بين الكواكب الدرية، ألا وإن لخروجه علامات عشرة، أولها طلوع الكوكب ذي الذنب. ويقارب من الحادي (3)، ويقع فيه هرج ومرج شغب (4)، وتلك علامات الخصب، ومن العلامة إلى العلامة عجب، فإذا انقضت العلامات العشرة إذ ذاك يظهر بنا القمر الأزهر وتمت كلمة الاخلاص لله على التوحيد (5).
بيان: الشيصبان: اسم الشيطان، وبنو العباس هم أشراك الشيطان، وإنما عدهم أربعة وعشرين مع كونهم سبعة وثلاثين لعدم الاعتناء بمن قل زمان ملكه وضعف سلطانه منهم، أو يكون المراد بيان عدد البطون التي استولوا على الخلافة لا عدد آحادهم، فإن آخرهم كان الخامس والعشرين أو الرابع والعشرين من أولاد العباس، والمراد بالكديد إما ثامن عشرهم وهو المقتدر كما وقع فيما عده عليه السلام الثامن عشر، فإنه كان مدة خلافته أربعا وعشرين سنة وأحد عشر شهرا، أو الحادي