فكلمني، فإنه سيجيبك أبوك، ولا تقر عن سؤاله (1) عن الكنوز التي خلفها، فكل ما أجابك به في ذلك الوقت وتلك الساعة فاكتب في ألواحك، فإذا انصرفت إلى بلادك بلاد خيبر فتتبع ما في ألواحك واعمل بما فيها، فمضى اليهودي حتى انتهى إلى وادي اليمن، وقعد هناك كما أمره، فإذا هو بالغرابيب السود قد أقبلت تنعب فهتف اليهودي فأجابه أبوه وقال: ويلك ما جاء بك في هذا الوقت إلى هذا الموطن وهو من مواطن أهل النار؟ قال: جئتك أسألك عن كنوزك أين خلفتها؟ قال: في جدار كذا في موضع كذا في حيطان كذا، فكتب الغلام ذلك، ثم قال: ويلك اتبع دين محمد، وانصرفت الغرابيب ورجع اليهودي إلى بلاد خيبر، وخرج بغلمانه و فعلته وإبل وجواليق وتتبع ما في ألواحه (2) فأخرج كنزا من أواني الفضة و كنزا من أواني الذهب، ثم أوقر عيرا وجاء حتى دخل على علي عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك وصي محمد وأخوه وأمير المؤمنين حقا كما سميت، وهذه عير دراهم ودنانير فاصرفها حيث أمرك الله ورسوله، واجتمع الناس فقالوا لعلي: كيف علمت هذا؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وإن شئت خبرتكم بما هو أصعب من هذا، قالوا: فافعل، قال: كنت ذات يوم تحت سقيفة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وإني لأحصي ستا وستين وطأة، كل ملائكة، أعرفهم بلغاتهم وصفاتهم وأسمائهم ووطئهم (3).
بيان: وجأت عنقه وجاء: ضربته. قوله: " مات أبوه (4) " إنما غير كلامه لئلا يتوهم نسبة ذلك إلى نفسه صلوات الله عليه. ونعب الغرابيب ينعب بالفتح و الكسر أي صاح.