الفضل والمزية من أول وقتها، ويقوي هذا الوجه شيئان: أحدهما الرواية الأخرى لان قوله " حين تفوته " صريح في أن الفوت لم يقع وإنما قارب وكاد، الامر الآخر (1) قوله: " وقد دنت للمغرب " يعني الشمس وهذا أيضا يقتضي أنها لم تغرب وإنما دنت وقاربت الغروب.
فإن قيل: إذا كانت لم تفته فأي معنى للدعاء بردها حتى يصلي في الوقت وهو قد صلى فيه؟ قلنا: الفائدة في ردها ليدرك فضيلة الصلاة في أول وقتها، ثم ليكون ذلك دلالة على سمو محله وجلالة قدره في خرق العادة من أجله.
فإن قيل: إذا كان النبي صلى الله عليه وآله هو الداعي بردها له فالعادة إنما أخرقت للنبي صلى الله عليه وآله لا لغيره، قلنا: إذا كان النبي صلى الله عليه إنما دعا بردها لأجل أمير المؤمنين عليه السلام ليدرك (2) ما فاته من فضل الصلاة فشرف انخراق العادة والفضيلة تنقسم (3) بينهما عليهما السلام.
فإن قيل: كيف يصح رد الشمس وأصحاب الهيئة والفلك يقولون ذلك محال لا تناله قدرة، وهبه كان جائزا على مذاهب أهل الاسلام أليس لو ردت الشمس من وقت الغروب إلى وقت الزوال لكان يجب أن يعلم أهل الشرق والغرب (4) بذلك لأنها تبطئ بالطلوع على بعض أهل البلاد، فيطول ليلهم على وجه خارق للعادة، وتمتد من نهار قوم آخرين ما لم يكن ممتدا، ولا يجوز أن يخفى على أهل البلاد غروبها ثم عودها طالعة بعد الغروب، وكانت الاخبار تنتشر بذلك ويؤرخ هذا الحديث (5) العظيم في التواريخ، ويكون أبهر وأعظم من الطوفان، قلنا: قد دلت الأدلة الصحيحة الواضحة على أن الفلك وما فيه من شمس وقمر ونجوم غير متحرك