الاشهاد، وخطب يوم البصرة فقال: قد أتاكم الوغب (1) اللئيم علي بن أبي طالب وكان علي عليه السلام يقول: ما زال الزبير رجلا منا أهل البيت، حتى شب عبد الله فظفر به يوم الجمل، فأخذه أسيرا، فصفح عنه وقال: اذهب فلا أرينك، لم يزده على ذلك. وظفر بسعيد بن العاص بعد وقعة الجمل بمكة وكان له عدوا فأعرض عنه ولم يقل له شيئا.
وقد علمتم ما كان من عائشة في أمره، فلما ظفر بها أكرمها وبعث معها إلى المدينة عشرين امرأة من نساء عبد القيس، عممهن بالعمائم وقلدهن بالسيوف، فلما كانت ببعض الطريق ذكرته بما لا يجوز أن يذكر به وتأنفت (2)، و قالت: هتك سري برجاله وجنده الذين وكلهم بي، فلما وصلت المدينة ألقى النساء عمائمهن وقلن لها: إنما نحن نسوة. وحاربه أهل البصرة وضربوا وجهه ووجوه أولاده بالسيف، وشتموه (3) ولعنوه فلما ظفر بهم رفع السيف عنهم، ونادى مناديه في أقطار العسكر: ألا لا يتبع مول، ولا يجهز على جريح، ولا يقتل مستأثر، ومن ألقى سلاحه فهو آمن، ومن تحيز إلى عسكر الامام فهو آمن، ولم يأخذ أثقالهم ولا سبي ذراريهم ولا غنم شيئا من أموالهم، ولو شاء أن يفعل كل ذلك لفعل، ولكنه أبى إلا الصفح والعفو، وتقبل سنة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة، فإنه عفا والأحقاد لم تبرد والإساءة لم تنس، ولما ملك عسكر معاوية عليه الماء و أحاطوا بشريعة الفرات وقالت رؤساء الشام له: اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمان عطشا سألهم علي عليه السلام وأصحابه أن يسوغوا لهم شرب الماء، فقالوا: لا والله ولا قطرة حتى تموت ظمئا كما مات ابن عفان، فلما رأى عليه السلام أنه الموت لا محالة تقدم بأصحابه وحمل على عساكر معاوية حملات كثيفة، حتى أزالهم عن مراكزهم بعد