سالم حيا لم يتخالجه الشك في إدخاله في المشورة والرأي دون التأهيل للإمامة.
وبطلانه واضح، فإن الروايات كما عرفت صريحة في الاستخلاف وتفويض الامر إليه، ولا تحتمل مثل هذا التأويل، كما لا يخفى على المنصف.
ثم إن قوله في سالم وأبو عبيدة دليل ظاهر على جهله، فإن ما رووا عنه من الامتناع عن التعيين والتنصيص معللا بقوله: ما أردت أن أتحملها حيا وميتا، بعد اعترافه بأن أمير المؤمنين عليه السلام لو ولي الأمر لحمل الناس على الحق، يدل على أنه إنما عدل عن النص احتياطا وخوفا من الله تعالى، وحذرا من أن يسأل يوم القيامة عما يفعله من استخلفه، فلذلك ترك الاستخلاف وجعل الامر شورى ليكون أعذر عند الله تعالى، ومع ذلك تمنى أن يكون سالم حيا حتى يستخلفه وينص عليه، ولم يخف من السؤال عن استخلافه، وظن أن ما سمعه ابن عمه في سالم أنه: شديد الحب لله تعالى، حجة قاطعة على استحقاقه للخلافة، مع أن شدة الحب لله ليس أمرا مستجمعا لشرائط الإمامة، ولا يستلزم القدرة على تحمل أعباء الخلافة، وشدة الحب لله (1) لها مراتب شتى، فكيف يستدل بالخبر على أنها بلغت حدا يمنع صاحبها عن ارتكاب المنكرات أصلا، ولو كان مثل ذلك قاطعا للعذر كيف لم يكن وصف أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الطير بأنه أحب الخلق إلى الله تعالى.. حجة تامة، ومع أن المحبوبية إلى الله أبلغ من الحب لله، وشدة الحب لا يستلزم الفضل على جميع الخلق، فلم لم يصرح باسم أمير المؤمنين عليه السلام ليعتذر يوم القيامة بهذا الخبر وسائر النصوص المتواترة والآيات المتظافرة الدالة على فضله وإمامته وكرامته.
ولنعم ما قال أبو الصلاح في كتاب تقريب المعارف (2): إن ذلك تحقيق لما ترويه الشيعة من تقدم المعاهدة بينه وبين صاحبه (3) وأبي عبيدة وسالم مولى أبي