اعتقدوا أن عثمان (1) قتل مظلوما ويتوالاه ويتبرا (2) من أعدائه، والأخرى - وهم جمهور أهل (3) الحرب وأهل الغناء (4) والبأس - اعتقدوا (5) أن عثمان قتل لاحداث أوجبت عليه القتل، ومنهم من يصرح بتكفيره، وكل من هاتين الفرقتين تزعم أن عليا عليه السلام موافق له على رأيه، وكان يعلم أنه متى وافق إحدى الطائفتين باينته (6) الأخرى وأسلمته، وتولت عنه وخذلته، فكان يستعمل في كلامه ما يوافق كل واحدة من الطائفتين.
أقول: قد مر القول في ذلك في سياق مطاعنه، ولا يخفى على أحد أن أقواله وأفعاله عليه السلام في تلك الواقعة تدل على أنه عليه السلام كان منكرا لأفعاله وخلافته راضيا بدفعه، لكن لم يأمر صريحا بقتله لعلمه بما يترتب عليه من المفاسد أو تقية، ولم ينه القاتلين أيضا لأنهم كانوا محقين، وكان عليه السلام يتكلم في الاحتجاج على الخصوم على وجه لا يخالف الواقع ولا يكون للجهال وأهل الضلال أيضا عليه حجة، وكان هذا مما يخصه من فصل الخطاب ومما يدل على وفور علمه في كل باب.