أبو ذر يتوكأ على عصاه، فقال: السلام عليكم. فقال: اتق الله يا عثمان! إنك تسمع.. كذا وكذا، وتصنع.. كذا وكذا.. وذكر مساويه، فسكت عثمان حتى إذا انصرف، قال: من يعذرني من هذا الذي لا يدع مساءة إلا (1) ذكرها. فسكت القوم فلم يجيبوه، فأرسل إلى علي عليه السلام، فجاء، فقام في مقام أبي الذر، فقال: يا أبا الحسن! ما ترى أبا الذر لا يدع لي مساءة إلا ذكرها؟. فقال: يا عثمان! إني أنهاك عن أبي ذر، يا عثمان أنهاك عن أبي ذر.. - ثلاث مرات -، أتركه كما قال الله تعالى لمؤمن آل فرعون: [إن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب] (2). قال له عثمان: بفيك التراب!. قال له علي عليه السلام: بل بفيك التراب، ثم انصرف.
وروى الثقفي في تاريخه أن أبا ذر دخل على عثمان - وعنده جماعة -، فقال:
أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: ليجاء بي يوم القيامة أو بك وبأصحابك حتى تكون بمنزلة الجوزاء من السماء، ثم يرمى بنا إلى الأرض فتوطأ علينا البهائم حتى يفرغ من محاسبة العباد. فقال عثمان: يا أبا هريرة!
هل سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وآله؟. فقال: لا. قال أبو ذر: أنشدك الله سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر. قال: أما هذا فقد سمعت، فرجع أبي ذر وهو يقول: والله ما كذبت.
وذكر الثقفي في تاريخه: عن عبد الله شيدان السلمي أنه قال لأبي ذر: ما لكم ولعثمان؟، ما تهون عليه، فقال: بلى والله لو أمرني أن أخرج من داري لخرجت ولو حبوا، ولكنه أبي أن يقيم كتاب الله (3).