خفت أن يأمر عليا بالصلاة، فقد سمعت مناجاته منذ الليلة، وفي آخر كلامه:
الصلاة الصلاة (1) قال: فخرج أبو بكر ليصلي بالناس فأنكر القوم ذلك، ثم ظنوا أنه بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكبر حتى أفاق (صلى الله عليه وآله) وقال: ادعوا لي العباس، فدعي فحمله هو وعلي، فأخرجاه حتى صلى بالناس، وإنه لقاعد، ثم حمل فوضع على منبره، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر، واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورهن، فبين باك وصائح وصارخ ومسترجع والنبي (صلى الله عليه وآله) يخطب ساعة، ويسكت ساعة، وكان مما ذكر في خطبته أن قال:
يا معشر المهاجرين والأنصار ومن حضرني في يومي هذا وفي ساعتي هذه من الجن والإنس فليبلغ شاهدكم الغائب (2)، ألا قد خلفت فيكم كتاب الله، فيه النور والهدى والبيان، ما فرط الله فيه من شئ، حجة الله لي عليكم (3)، وخلفت فيكم العلم الأكبر علم الدين ونور الهدى وصيي علي بن أبي طالب، ألا هو حبل الله فاعتصموا به جميعا ولا تفرقوا عنه، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا، أيها الناس هذا علي بن أبي - طالب كنز الله اليوم وما بعد اليوم، من أحبه وتولاه اليوم (4) وما بعد اليوم فقد أوفى بما عاهد عليه الله، وأدى ما وجب عليه (5)، ومن عاداه (6) اليوم وما بعد اليوم جاء يوم القيامة أعمى وأصم، لا حجة له عند الله، أيها الناس لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم