يكونوا يؤاكلونهن ولا يجالسونهن، وما أصاب الحائض من الثياب والفرش و الأواني وغير ذلك نجس حتى لا يجوز الانتفاع به وأباح لها (1) جميع ذلك إلا المجامعة، ومنها أن صلاتهم كانت خمسين، وصلاتنا خمسة وفيها ثواب الخمسين وزكاتهم ربع المال، وزكاتنا العشر (2) وثوابه ثواب ربع المال، ومنها أنهم كانوا إذا فرغوا من الطعام ليلة صيامهم حرم عليهم الطعام والشراب والجماع إلى مثلها من الغد، وأحل الله (3) التسحر والوطي في ليالي الصوم، فقال: " كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر (4) " يعني بياض النهار من سواد الليل، وقال: " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (5) " يعني الجماع، ومنها كانت الأمم السالفة تجعل قربانها على أعناقها إلى بيت المقدس فمن قبلت ذلك من أرسلت عليه نار فأكلته، ومن لم يقبل منه رجع مثبورا، وقد جعل الله قربان أمة نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) في بطون فقرائها ومساكينها، فمن قبل ذلك منه أضعف له أضعافا، ومن لم يقبل منه رفعت عنه عقوبات الدنيا.
ومنها أن الله تعالى كتب عليهم في التوراة القصاص والدية في القتل والجراح ولم يرخص لهم في العفو وأخذ الدية، ولم يفرق بين الخطاء والعمد في وجوب القصاص، فقال: " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس (6) " ثم خفف عنا في ذاك فخير بين القصاص والدية والعفو، وفرق بين الخطاء والعمد، فقال تعالى:
" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى " إلى قوله: " فمن عفي له من أخيه شئ فاتباع بالمعروف وأداء إليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة (7) " ومن ذلك تخفيف الله عنهم في أمر التوبة فقال لبني إسرائيل: " وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم (8) "