على الناس بأعمالهم التي خالفوا فيها الحق في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى " وجئ بالنبيين والشهداء (1) " وقال: " ويوم يقوم الاشهاد (2) " وقيل: الاشهاد أربعة: الملائكة والأنبياء وأمة محمد (صلى الله عليه وآله) والجوارح، والثاني أن المعنى لتكونوا حجة على الناس فتبينوا لهم الحق والدين، ويكون الرسول شهيدا مؤديا إليكم.
والثالث: إنهم يشهدون للأنبياء على أممهم المكذبين لهم بأن قد بلغوا، وجاز ذلك لاعلام النبي (صلى الله عليه وآله) إياهم بذلك " ويكون الرسول عليكم شهيدا " أي شاهدا عليكم بما يكون من أعمالكم، وقيل: حجة عليكم، وقيل شهيدا لكم بأنكم قد صدقتم يوم القيامة فيما تشهدون به (3). " كنتم خير أمة " قيل: هل أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) خاصة، وقيل: هو خطاب للصحابة، ولكنه يعم سائر الأمة (4) " هو اجتباكم " اي اختاركم واصطفاكم لدينه " من حرج " اي من ضيق لا مخرج منه ولا مخلص من عقابه، بل جعل التوبة والكفارات ورد المظالم مخلصا من الذنوب، وقيل: لم يضيق عليكم أمر الدين فلم يكلفكم مالا تطيقون، بل كلف دون الوسع، وقيل:
يعني الرخص عند الضرورات كالقصر والتيمم وأكل الميتة " ملة أبيكم إبراهيم " أي دينه، لان ملة إبراهيم داخلة في ملة محمد (صلى الله عليه وآله)، وإنما سماه أبا للجميع لان حرمته على المسلمين كحرمة الوالد على الولد: أو لان العرب من ولد إسماعيل وأكثر العجم من ولد إسحاق، فالغالب عليهم أنهم أولاده " هو سماكم المسلمين " اي الله سماكم المسلمين، وقيل: إبراهيم " من قبل " أي من قبل إنزال القرآن " وفي هذا " أي في القرآن " ليكون الرسول شهيدا عليكم " بالطاعة والقبول، فإذا شهد لكم به صرتم عدولا تستشهدون على الأمم الماضية بأن الرسل قد بلغوهم الرسالة وإنهم لم يقبلوا " واعتصموا بالله " أي تمسكوا بدين الله، أو امتنعوا بطاعة الله عن معصيته، أو بالله من أعدائكم، أوثقوا بالله وتوكلوا عليه " هو مولاكم " أي وليكم وناصركم والمتولي لأموركم، ومالككم " فنعم المولى " هو لمن تولاه